أخرج الله عز وجل آدم عليه السلام من الجنة عندما عصاه هو وأمنا حواء وأكلا من الشجرة التي نهاهما ربهما من أن يأكلا منها، وذلك بد وسوس لهما إبليس ليه لعنة الله وخدعهما، فكانت النتيجة أن هبطا من الجنة إلى الأرض.
فهل هذه الجنة التي أخرج منها أبونا آدم وأمنا حواء هي نفسها جنة المأوى التي أعدها الله للمؤمنين المتقين الطائعين في الآخرة؟
جماهير المفسرين وأئمة السلف قالوا إن الجنة التي سكنها آدم عليه السلام هي جنة المأ وى التي أعدها الله للمؤمنين المتقين من عباده وأن الله عز وجل وصف هذه الجنة في سورة طه بقوله تعالى {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَىٰ * وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ }118,119 طه
وإن إبليس قال لآدم عليه السلام { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَىٰ }120 طه ولو كانت هذه الجنة في الدنيا لعلم آدم عليه السلام كذب إبليس إذ أن الدنيا إلى زوال.
نقول لهؤلاء إنكم لا تفطنون إلى مدلول كلمة (جنة ) فهي يسمى غلبة الاستعمال ذلك أن اللفظ يكون له معاني متعددة ولكنه يؤخذ عادة وعرفا على معنى واحد بحيث إذا سمع اللفظ انصرف الذهن إلى هذا المعنى بالذات ومن هذا المدلول حين يسمع كلمة جنة ينصرف ذهنه إلى جنة الآخرة لأنها هي الجنة الحقيقية.
ولكن حينما يأتي اللفظ في القرآن لا بد أن نعرف استعمالاته لأن المتكلم هو الله ومن الجائز أن يكون اللفظ في اللغة له معان متعددة ولكنه في الدين يأخذ المعنى الشرعي الاصطلاحي
مثال : حين تسمع كلمة (حج ) تقول أن معناها قصد بيت الله الحرام ولكن الحج في اللغة معناه : القصد فقط فإذا قصدت الذهاب إلى مكان قلت حججت إليه، فلما جاء الإسلام أصبح المعنى الإسلامي الفقهي الشرعي لكلمة ( حج ) هو أن تقصد بيت الله الحرام لأداء المناسك.
وكلمة (صلاة ) معناها في اللغة : الدعاء { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} 103 التوبة أى ادع لهم
فلما جاء الإسلام أخذها إلى معنى العبادة : المبدوءة بالتكبير المختومة بالتسليم
وهذا ما جعل العلماء يذهبون إلى أن كلمة (جنة )ساعة أن تنطق بها ينصرف المعنى إلى جنة الآخرة.
بعض العلماء قالوا، والكلا مازال للشعراوي : أن الله سبحانه وتعالى قد فرق بين جنة الدنيا وجنة الآخرة فلفظ (الجنة ) يطلق على جنة الآخرة ولفظ (جنة ) يطلق على جنة الدنيا وهذا قول غير صحيح لأن الله عز وجل قال في كتابه الكريم إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ ( (17 القلم) والحديث هنا عن جنة الدنيا
كما أن بعض العلماء قالوا : إن الله تعالى أدخل آدم وزوجته جنة الخلد وعندما عصيا في الجنة أنزلهما إلى الأرض ولو أنهما لم يعصيا لظلا في الجنة.
الشيخ الشعراوي مضى قائلًا: هؤلاء نقول لهم أنتم أبطلتم مرادات الله تعالى في خلق آدم لم يقل الله تعالى لأنه خلق آدم ليعيش في الجنة وإنما قال { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} البقرة (30) خلقه ليعيش في الأرض
السؤال الذي يجب أن يسأل هو : أنه مادام خلقه الله خليفة في الأرض فلماذا اسكنه الجنة أولا ؟
لحكمة :آدم خلق ليتلقى المنهج من الله تعالى [ افعل و لا تفعل ] افعل كذا وإن لم تفعل فسدت ألأرض ولا تفعل كذا فإن فعلت فسدت الأرض.
ولكن هل يترك آدم دون أن يوجد من يحاول أن يفسد عليه منهج الله ؟
جاء إبليس فأفسد عليه منهج الله إذا كان لابد أن يتدرب على الأمر والنهي.
وفي ختام حديثه حسم الشيخ الشعراوي القضية قائلًا: إذا الجنة التى عاش فيها آدم عليه السلام ليست جنة الخلد لأن جنة الخلد لا تأتي إلا بعد التكليف .. جنة آدم عليه السلام مكان أعده الله ليتم تدريبه على منهج الله.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبراقرأ أيضا:
فضوح الدنيا أيسر من فضوح الآخرة..لا تتنافس على الشر واكتشف سترك الحقيقي