دائما يعظ الكبير الصغير، أما أن يكون العكس، مع أن يكون الصغير طفلة أو صبية فإن ذلك له شأنا عظيما، ومن ذلك حكوا الكثير من وعظ الصغيرات للكبار، حيث صرن مضرب الأمثال في ذلك.
يقول العابد أبو العباس بن مسروق: كنت باليمن فرأيت صيادا يصطاد السمك على بعض السواحل، وإلى جنبه ابنة له.
وأضاف أنه كلما اصطاد سمكة فتركها معها، ردت الصبية السمكة إلى الماء.
فالتفت الرجل فلم ير شيئا، فقال لابنته: أي شيء عملت بالسمك؟ فقالت: يا أبي أليس سمعتك تروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تقع سمكة في شبكة إلا إذا غفلت عن ذكر الله عز وجل" فلم أحب أن نأكل شيئا غفل عن ذكر الله تعالى.. فبكى الرجل ورمى الصنارة.
ومن ذلك أيضا أن أمير بلدة العابد حاتم الأصم اجتاز على باب حاتم فاستسقى ماء فلما شرب رمى إليهم شيئا من المال، فوافقه أصحابه، ففرح أهل الدار سوى بنية صغيرة فإنها بكت.
فقيل لها: ما يبكيك؟ قالت: مخلوق نظر إلينا فاستغنينا فكيف لو نظر إلينا الخالق سبحانه وتعالى؟
اقرأ أيضا:
زوجتي طفلة كلما غضبت خاصمتني وذهبت لبيت أهلها.. ماذا أفعل؟وحكى الفقيه خزيمة أبو محمد قال: قال بنات رجل لأبيهن: يا أبت لا تطعمنا إلا الحلال فإن الصبر على الجوع أيسر من الصبر على النار، فبلغ ذلك سفيان الثوري فقال: ما لهن رحمهن الله؟
ومن أشهر القصص في ذلك ما وقع مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يعس المدينة ، حيث تعب من المشي، فاتكأ إلى جانب جدار في جوف الليل، فإذا امرأة تقول لابنتها: يا ابنتاه قومي إلى ذلك اللبن فغشيه بالماء.
فقالت لها: يا أماه أو ما علمت ما كان من عزمة أمير المؤمنين اليوم؟ قالت: وما كان من عزمته يا بنية؟ قالت: إنه أمر مناديه فنادى أن لا يغش اللبن بالماء.
فقالت لها: يا بنية قومي إلى ذلك اللبن فاخلطيه بالماء فإنك بموضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فقالت الصبية لأمها: يا أمتاه والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء.