يشتهر شهر رمضان المبارك بأنه شهر الإحسان والإكرام، وقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فالرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة».
أيضًا على دربه سار المسلمون على مر العصور، يتنافسون فيمن يكون الأكثر تصدقًا وكرمًا في رمضان.. وبالتأكيد هذا أمر جيد يحسب للجميع، فهو من أحب القربات إلى الله عز وجل، لكن.. على كل من يتصدق أن يتأدب وألا يؤذي من تصدق له بكلمة هنا أو هناك، تأخذ أجر الصدقة وتجرح مشاعر المتصدق له.
يروى عن الإمام علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، أن أحدهم سأله ذات يوم: «لماذا تعطي من وراء الستار؟».. فقال رضي الله عنه: «حتى لا أرى الذل بعين السائل».. انظر لأي مدى تعلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف تكون الصدقة؟.. وكيف تخرج؟.. كانوا يخشون أن تمنح الصدقة لأحدهم وهو منكسر، فالمشاعر والإحسان وجهان لعملة واحدة، إذ لا يمكن أن يقبل الله بصدقة، وراءها نية مبيتة لفضح من تم التصدق له.. فلو كنت حريصًا على تقبل صدقتك في هذا الشهر الكريم، فاحرص على أن تكون في السر لا العلن، حتى وإن كان الإسلام لا يمنع صدقة العلن.
ألم يسمع هؤلاء ما وراه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» وذكر منهم: «ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه».
أما من يخشون أن تقل أموالهم، فماذا عن وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يمكن أن ينقص مال من صدقة؟!
في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله».