نهاية العبّاد والعارفين تأتي في أغرب الخيال، ربما تذهب لحد عدم التصديق، وذلك لما وصلوا عليه في حياتهم من أحوال المعرفة والعبادة والنسك.
وقد سئل أحد الزهاد ويدعى بعبد الواحد بن زيد: ما كان سبب موت
مالك بن دينار؟
قال: «أنا كنت سألته عن رؤيا رآها , رأى فيها مسلم بن يسار , فقصها عليّ , فانتفضت , فجعل يشهق ويضطرب , حتى ظننت أن كبده قد تقطعت في جوفه , ثم هدأ فحملناه إلى بيته , فلم يزل مريضا يعوده إخوانه حتى مات منها , فهذا كان سبب موته».
وقد حكي عن مالك بن دينار الكثير من أمور العبادة والصلاح يقول أحد معاصريه : " رأيت مالك بن دينار بعد موته في منامي , فقلت: يا أبا يحيى ليت شعري بماذا قدمت على الله عز وجل؟
قال: قدمت بذنوب كثيرة محاها عني حسن الظن بالله عز وجل ".
وحكى آخر : " مكثت أدعو الله سنة أن يريني مالك بن دينار في منامي , قال: فرأيته في منامي بعد موته بسنة كأنه في محرابه , فقال لي: اللهم يسر الجوار , وسهل المجلس ".
ومن عجائب الرؤى أن العابدة حفصة بنت راشد، قالت: " كان مروان المحلمي لي جارا , وكان قاضيا مجتهدا.
قالت: فمات فوجدت عليه وجْدا شديدا , فرأيته فيما يرى النائم , فقلت: أبا عبد الله ما صنع بك ربك؟
قال: أدخلني الجنة , قلت: ثم ماذا؟ قال: ثم رفعت إلى أصحاب اليمين , قلت: ثم ماذا؟
اقرأ أيضا:
رأيت نفسي داخل الكعبة وأعطوني التمر.. ما تفسير الرؤيا؟ قال: ثم رفعت إلى المقربين , قلت: فمن رأيت من إخوانك؟ قال: رأيت الحسن , ومحمد بن سيرين.
كما حكت امرأة تدعى أم عبد الله وكانت من خيار نساء أهل البصرة قالت: " رأيت فيما يرى النائم كأني دخلت دارا حسنة ثم دخلت بستانا فذكرت من حسنه ما شاء الله , فإذا أنا فيه برجل متكئ على سرير من ذهب وحوله الوصفاء بأيديهم الأكواب.
قالت: فإني لمتعجبة من حسن ما أرى إذ أتى فقيل له: هذا مروان المحلمي قد أقبل , قالت: فوثب فاستوى جالسا على سريره , قالت: فاستيقظت من منامي فإذا جنازة مروان قد مر بها على بابي تلك الساعة ".
ويقول أيضا سلمة الأكيس , وكان من المجتهدين: " رأيت مروان المحلمي في منامي بعد موته بسنة , فقلت: إلى ما صرت؟
قال: إلى الجنة , قلت: فماذا تريد بعد الجنة؟ وإنما عليها كنت تدور وتجهد نفسك أيام الدنيا , قال: أي أخي إني والله قد أعطيت منها فوق الأماني , وسترني أي والله قد ألحقت بدرجة المقربين ".
ومن عجائب المنامات ما حكوه عن امرأة من بيت المقدس قالت: " كان رجاء بن حيوة جليسا لنا , وكان نعم الجليس.
قالت: فمات فرأيته في منامي بعد موته بشهر ونحو ذلك , فقلت له: أبا المقدام إلام صرتم؟ قال: إلى خير ولكنا فزعنا بعدكم فزعة ظننا أن القيامة قامت.
قالت: قلت: وفيم ذلك؟ قال: دخل الجراح وأصحابه بأثقالهم الجنة بأفعالهم حتى ازدحموا على بابها ".