أنا سيدة مشكلتي لها تاريخ من عدم الحب من قبل أمي وإخوتي لي، ولا أعرف حتى الآن ما السبب في سوء المعاملة بالضرب منذ صغري، ولذا فكرت في الزواج لأهرب من هذا البيت، وللأسف تزوجت لكنني ارتبطت بشخص دمرني أكثر.
أنجبت من هذا الزوج ثلاثة أطفال، وهو رجل لا يدفع ايجار، ولا ينفق، وأغلب الوقت جالس بالبيت لا يعمل، ولا يتحمل أية مسئولية، حاولت أن أعمل لتدبير مصاريف البيت، ولأنه كثير الشجار، وقعت الطلقة الثالثة، فقررنا أن يعيش في البيت بدون علاقة بيننا، وأنا أعيش لأولادي بالبيت أيضًا، فليس لي مكان آخر، وحتى الآن لم يعرف أهلي شيء، وأحدث أمي بالهاتف فقط ولا أذهب حتى لا يعرفوا ويخرب بيتي أكثر وحياتي، لأنهم يرونني مخطئة دائمًا وزوجي على حق، فهل أنا هكذا عاقة لأمي لأني لا أزورها، أنا عانيت مع أمي كثيرًا وتحملت فهي جافة وقاسية، لدرجة أنها لم تحضني أبدًا وعمري الآن 31 سنة.
أنا أواظب على صلاتي وأتقرب إلى الله وأربي أولادي بشكل جيد، وهم مؤدبين وخلوقين، وأشعر أن الله يقويني، وأنني امرأة قوية، ولا يعكر صفو حياتي سوى خوفي من غضب الله علي بسبب تقصيري مع أمي، فهل من رد على تساؤلاتي؟نادية- سوريا
الرد:
مرحبًا بك نادية..
أحييك لوصفك نفسك بـ"القوة"، وهذا جيد بل رائع، ويدل على صحة نفسية جيدة على الرغم مما تعرضت له طوال حياتك ومنذ صغرك، سواء كان ذلك بسبب
الإساءات الوالدية من قبل والدتك، أو إخوتك كما ذكرت في رسالتك، أو بسبب الاختيار الخاطيء للزوج واستكمال مسلسل الاساءات والايذاء النفسي والجسدي لك معه.
اقرأ أيضا:
مختلفة مع زوجي حول ضرب أولادنا لتربيتهم.. ما الحل؟ اقرأ أيضا:
4 أسباب تجعلنا نكرر تجاربنا المؤلمةلم تذكري شيئًا عن والدك، وعلاقتك به، وعلى أية حال أحب أن ألفت فقط إلى جملة أنت ذكرتها ولابد عندها من وقفة لأنه بسبب هذا التفكير نوقع بأنفسنا في
علاقات مؤذية بدون أن نشعر، وهو أنك فكرت في الزواج كمخرج للهرب من الاساءات الوالدية، ومن ثم عند شعورنا بالأزمة لا نفكر بل نهرب من الرمضاء إلى النار ونحن لا نعلم أنها النار، وهو ما حدث معك، وحدث، ويحدث مع كل من تفكر في "جوازة والسلام"، تخلصها من أذى أسرتها، وهي بالفعل تتخلص من أذاهم لكنها تقع في حفرة أخرى من الأذى ربما تكون أشد وطأة بسبب تداعياتها النفسية، وقربها الشديد كعلاقة من الجسد والعرض والنفس، وينتج عنها أرواح هم الأبناء، والزواج قرار مصيري وليس "مهرب".
أقول هذا حتى تتبصري أمرك، عندما تختارين مرة أخرى، فأنت لا زلت صغيرة، وأنت تعتبرين "مطلقة"، وينقصك التوثيق، ويمكنك بعدها الزواج مرة أخرى، وهو حقك.
أما بشأن والدتك، والتقصير، فافعلي ما يرضيها، إن كان كافيًا ومرضيًا لها السؤال عبر الهاتف فبها ونعمت، ولا داعي لاستدعاء مشاعر الذنب المعطلة هذه التي من الممكن أن تؤثر على حالتك النفسية، وأنت تحملين مسئولية نفسك وأولادك، وهو حمل عظيم، يحتاج بالفعل إلى ذات تحب نفسها، وتحترمها، وتقدرها، ومشاعر الذنب التي هي بلا داعي تمرض النفس وتقعدها، وتضعفها.
إن الله لم يفرض الحب يا عزيزتي تجاه الوالدين، إن الله لا يفرض المشاعر، وإنما فرض سلوكًا طيبًا معهم، إلانة القول وحسن الفعل وفقط، وهذا ليس معناه السماح لأي من الوالدين بالأذى لنفوسنا، بل إن فعلوا فهم عاقين لنا كأبناء، وراجعي قصة سيدنا عمر عندما أساء معاملة ابنه فقل قولته الشهيرة:" لقد عققته قبل أن يعقك"، وأنهم لو فعلوا لا نسمح لهم بذلك وبكل حزم مع أدب وإلانة القول، وفقط.
ارفقي بنفسك، وداوي جراحك النفسية بسبب طفولتك التي لم تكن مع أسرة سوية، ثم الانتقال إلى علاقة زوجية مشوهة ومؤذية.
أنت في مرحلة حرجة من عمرك، ترممين فيها ما بقي، وتتعلمين من الماضي ولا تكررينه، وتخططين وتعملين لحاضرك ومستقبلك، منتبهة إلى أن عيون صغارك وأرواحهم ناظرة إليك، منك يستمدون قوتهم، وسواء شخصياتهم، ونموهم النفسي السوي، حتى يمكنهم مواجهة صعوبات الحياة، ودمت بخير.