عامر عبدالحميد
اشتهر العابد سهل بن عبد الله التستري بجميل المواعظ، وحسن العبادة والزهد، حيث كان يقول: آلة الفقير ثلاثة أشياء: حفظ سره، وأداء فرضه، وصيانة فقره.
وحكى عنه الإمام ابن الجوزي البغدادي قال: سمعت سهل بن عبد الله يقول: ليس كل من عمل بطاعة الله صار حبيب الله، ولكن من اجتنب ما نهى الله عنه صار حبيب الله ولا يجتنب الآثام إلا صديق مقرب، وأما أعمال البر فيعملها البر والفاجر.
وكان يقول: من دق الصراط عليه في الدنيا عرض عليه في الآخرة، ومن عرض عليه الصراط في الدنيا دق له في الآخرة.
ومن نصائحه: استجلب حلاوة الزهد بقصر الأمل، واقطع أسباب الطمع بصحة اليأس، وتعرض لرقة القلب بمجالسة أهل الذكر، واستفتح باب الحزن بطول الفكر، وتزين لله بالصدق في كل الأحوال، وإياك والتسويف فإنه يغرق الهلكى، وإياك والغفلة فإن فيها سواد القلب، واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر.
وكان يقول: ليس بين العبد وبين الله حجاب أغلظ من الدعوة، ولا طريق أقرب إليه من الافتقار.
وسأله أحد معاصريه: أي شيء أشد على النفس؟ فقال: الإخلاص، لأنه لها فيه نصيب.
وسمعه آخر وهو يقول: أمس قد مات، واليوم في النزع، وغد لم يولد.
يحكى عنه أحد جيرانه: كنت عند سهل بن عبد الله وكنت أحب شيئا من أمره الذي كان يسره، وقد كنت سألت جماعة من أصحابه: من أين يقتات؟ فلم يقف أحد منهم على شيء فيخبرني به، فجئت ليلة إلى مسجده وهو قائم يصلي فوقفت طويلا وهو لا يرجع حتى جاءت شاة فزحمت باب المسجد وأنا أراها، فلما سمع سهل حركة الباب ركع وسجد وسلم وخرج إلى باب المسجد ففتحه وقدم الشاة إليه ومسح يده عليها.
وقد كان أخرج معه قدحا أخذه من طاق في المسجد فحلب وشرب ثم مسح يده عليها وكلمها بالفارسية فذهبت في الصحراء، ودخل هو إلى المسجد وقام في محرابه.
وكان متواضعا يحث الناس على الخير، حيث كان : من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء ويجيء الرجل فيقول: يا فلان أي شيء تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول: طلقت امرأته، ويجيء آخر فيقول: بم تقول في رجل حلف على امرأته بكذا وكذا؟ فيقول: ليس يحنث بهذا القول. وليس هذا إلا لنبي أو لعالم فاعرفوا لهم ذلك.
اقرأ أيضا:
أصحاب الذنوب يخافون من الموعظة ثم يعودون للمعاصي.. ما الحل؟