ابنة عمي ذهبت لزيارة أمها السبعينية التي تعيش وحيدة لأنها كانت مريضة واستأذنت زوجها ووافق على مضض أن تجلس معها وتمرضها، لأنه لا يحب حماته بسبب المشكلات الكثيرة التي كانت بينهم، وعندما ذهبت إليها تكشف أنها أصيبت بفيروس كورونا وسرعان من انتقلت العدوى إليها، ولأنها خافت من زوجها أرسلت له رسالة تخبره بالأمر فلم يرد عليها، وذهبت مع والدتها إلى مستشفى الحجر الصحي، وعندما علم أرسل لها رسالة على الهاتف المحمول أنها "طالق"، ولكن الهاتف كان معي وهي لم تعرف حتى الآن، واتصل بعدها بأخي الكبير وأخبره بالأمر وأنه سيرسل ورقة الطلاق قريبًا.
بالطبع هي مريضة، ومصدومة بسبب إصابتها ووالدتها، ونحن لم نخبرها حتى الآن بأمر طلاق الزوج، ولا ندري ماذا نفعل؟
نشوى- مصر
الرد:
مرحبًا بك عزيزتي نشوى، حسنًا فعلتم أنكم لم تخبروها بشيء من ذلك.
لم تخبريني عن مرحلة الزوج العمرية وكذلك زوجته "ابنة عمك"، وهل يوجد بينهما أولاد أم لا، وهل هي تعمل أم لا، وطبيعة علاقتهما الزوجية، والسمات الشخصية لكل منهما، فذلك مهم لفهم ما وراء التصرف، لمساعدتها نحو الحل الأقرب للصحة.
اظهار أخبار متعلقة
اظهار أخبار متعلقة
وعلى أية حال، ما أراه أن تتركوا الزوج بدون نقاش، أو بمعنى أصح "محايلة" لكي يرجع عن قراره الذي يبدو لي نتيجة غضب وحنق على زوجته وخوف من المرض، دعوه وانتظروا هل سينفذ ويحول القرار إلى طريق رسمي كما وعد أم سيعود إلى صوابه ويتراجع ويقول أنها كانت لحظة نزغ فيها الشيطان بسبب الغضب.
إن رجع فبها ونعمت، وإن لم يرجع وأصر ونفذ قرار الطلاق بالفعل، فلابد من إدراك حقيقة
العلاقة المشوهة، وطبيعة الشخصية المؤذية، التي كانت تعيش في ظلها ابنة عمك.
لابد من اليقين في قوله تعالى:" وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم"، لابد من اليقين في :" والله يعلم وأنتم لا تعلمون"، هذا التخلي والخذلان من الزوج لميثاق غليظ لسبب كهذا الذي حدث لا يجعل أحدًا ذي عقل يبكي أو يتأسف على حل عقدة هذه العلاقة التي لم يتعامل فيها بأدنى درجات الإنسانية، بل كفران تام للعشير، وخذلان غير مسبوق من شخص كان من المفترض أن يكون من أقرب الناس، خاصة في وقت المحن، والشدة، وهل هناك شدة أشد قسوة من المرض، هل هناك أشد على المرء من الاصابة بمما لا يملك المرء أمامه حيلة؟
لقد سارت الأمور بهذه الزوجة التي أراها مسكينة على هذا النحو الدراماتيكي، وقدر الله لها هذا، وفعل الزوج ما لم يكن متوقعًا بالمنطق، ودواعي الإنسانية وليس العلاقة الزوجية، ولو أنه أنصفها من نفسه، ووضع نفسه مكانها لتوقع منها المساندة، والعاطفة، والدعاء، واللهفة، والخوف عليه، وإلتماس العذر، إلخ، بينما هو لم يفعل ليساعد نفسه على اتخاذ قرار رجولي عاقل، يجعله يتصرف بشكل لائق ومناسب.
فـ"لعله خير"، هذا ما يجب أن تفكروا وفقه، لتستعدوا لإحتواء الزوجة التي لا شك ستمر بفترة حزن، ووجع، حتى تتعافي من الطلاق، بعد أن تتعافي من الكورونا، وتدعمونها، وتساعدونها على بدء صفحة جديدة من حياتها.
لا تجمعوا عليها المصائب، والصدمات، واحتالوا واخفوا عنها الأمر حتى تتعافي من مرضها الجسدي، ودمت بخير.