ما الذنوب التي يكفرها الحج وهل معنى رجع من حجه كيوم ولدته أمه أنها تشمل الصغائر والكبائر؟
ا
الجواب:
تبين لجنة الفتوى بإسلام ويب أن جمهور العلماء على أن الحج يكفر الصغائر دون الكبائر، ومنهم من ذهب إلى أن الحج يكفر الصغائر والكبائر، كما نقله الرملي في فتاويه وابن رجب في لطائف المعارف عن ابن المنذر. وقال الحصكفي في الدر المختار: هل يكفر الحج الكبائر؟ قيل: نعم؛ كحربي أسلم.
وفصل بعض العلماء في ذلك فقالوا: يكفر الحج الكبائر التي هي حقوق لله تعالى دون حقوق العباد، وتكفير حقوق الله تعالى لا يعني سقوطها عنه بذاتها، بل المقصود سقوط إثم التقصير فيها والإهمال لها.
قال الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: الحج المبرور يكفر ما عدا تبعات الآدميين، كما حكى بعضهم الإجماع على هذا الاستثناء.
وقال البهوتي في كشاف القناع: فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوه من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه، لأنها حقوق لا ذنوب، إنما الذنب تأخيرها، فنفس التأخير يسقط بالحج لا هي نفسها، فلو أخرها بعده تجدد إثم آخر.
وقال ابن نجيم : والصحيح أن الحج لا يكفر الكبائر، وليس مراد القائل بأنه يكفرها أنه يسقط عنه قضاء ما لزمه من العبادات وتركه، والمظالم والدين، وإنما مراده أنه يكفر إثم تأخير ذلك، فإذا فرغ منه طولب بقضاء ما لزمه، فإن لم يفعل مع قدرته، فقد ارتكب الآن الكبيرة الأخرى، والمسألة ظنية، فلا يقع بتكفير الحج للكبائر من حقوقه تعالى، فضلاً عن حقوق العباد.
ولعل القول الذي فصل في المسألة هو الأولى بالقبول، لورود الأحاديث الدالة على أن الحاج يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، لكن استثني من ذلك حقوق العبادة لورود الأدلة بعدم سقوطها إلا باستحلال أهلها، لكن إذا عجز المرء عن استحلال صاحب الحق، أو تعذر عليه الأداء مع بذل الجهد في ذلك، فهو مرجو المغفرة، قال في تحفة المحتاج: قال الزيادي: والحج يكفر الكبائر والصغائر حتى التبعات على المعتمد إن مات في حجه أو بعده وقبل تمكنه من أدائها.
وهذا كله في الحج المبرور الذي وُعد صاحبه بمغفرة ذنوبه.
ولهذا ينبغي أن تجتهد في أداء الحج كما أمر الله تعالى، مجانباً للغو والرفث، رجاء أن يتقبله الله تعالى، وأن تُكفر به ذنوب من حججت عنه.