ما هو الطمع؟.. الطمع هو استشراف النفس إلى شيء غير حقها وإن كان محبوبًا لها.. إذن الأصل في الإنسان العاقل ألا يطمع إلا في حقه.. حين لا يستشرف الإنسان إلا إلى حقه إن أراد شيئًا واسعًا يضخم حقه، ولا يضخم ما يريده.
والإنسان أحيانًا يريد أن يرفه حياته ويعيش مترفًا ولكن بحركة حياته كما هي. نقول له إذا أردت أن تتوسع في ترفك فلابد أن تتوسع في حركة حياتك؛ لأنك لو أترفت معتمدًا على حركة حياة غيرك فسيفسد ميزان حركة الحياة في الأرض، أي إن كنت تريد أن تعيش حياة متزنة فعش على قدر حركة حياتك؛ لأنك إن فعلت غير ذلك تسرق وترتش وتفسد. فإن كان عندك طمع فليكن فيما تقدر عليه.
لكن إن كان لديك طمع؟، فليكن لديك طمع مقنن، وهو أنك قبل أن تطمع اعمل لك حقًا فيما تحب، أما أن تطمع بدون حق، فإن هذا ما يفسد حركة الحياة كلها، ولكن الإنسان حين يريد أن يعيش متوازنًا، لايأخذ دمه من عرق غيره، لماذا؟ لأن الإنسان في الأرض مدني يعيش مع جماعة، والمسألة ليست العفي بعافيته، وإنما هناك قيوم لا يخفى عليه شيء، ويغار على حركة المتحرك في الأرض، ويحمي ثمار الحركة في الأرض.
إذن فالحق يريد أن تصان حركة الحياة في الأرض، لماذا؟ لأنه يريد أن يربب الحركة، لأنه إذا وجد إنسانًا متحرك، والحركة لها ثمرة، ثم يأتي غير متحرك ليأخذ من الثمرة، الذي اعتاد أن يعيش بدون حركة، يصعب عليه فيما بعد أن يتحرك، ويصبح هناك متعطلاً عن الحركة.
إذن فكلمة (افتطمعون) هنا تحدد أنه يجب ألا نطمع إلا فيما نقدر عليه. هؤلاء اليهود هل نقدر على أن نجعلهم يؤمنون؟ يقول الله تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم.. هذا أمر زائد على ما كلفت به.. لأن عليك البلاغ، وحتى لو كان محببا إلى نفسك.. فإن مقدماتهم مع الله لا تعطيك الأمل في أنك ستصل إلى النتيجة التي ترجوها.
وهذه الآية فيها تسرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم عما سيلاقيه مع اليهود. وتعطيه الشحنة الإيمانية التي تجعله يقابل عدم إيمان هؤلاء بقوة وعزيمة.. لأنه كان يتوقعه فلا يحزن ولا تذهب نفسه حسرات، لأن الله تبارك وتعالى قد وضع في نفسه التوقع لما سيحدث منهم.. فإذا جاء تصرفهم وفق ما سيحدث.