عزيزي المسلم، ماذا يحدث لك إذا ذُكر أمامك اسم «محمد» صلى الله عليه وسلم؟، هل يمر الأمر ويكأنك لم تنتبه، أم هل تردد الصلاة عليه، أم أنك تشعر برهبة داخلك تجعلك تعيش لحظات في غياب عن الدنيا، وكأنك رأيته صلى الله عليهوسلم بذاته الحقيقية؟..
يروى أن الإمام مالك رضي الله عنه كان إذا ذكر اسم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يتغير لونه، وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه، فسئل عن ذلك فقال: (لو رأيتم ما رأيت لما أنكرتم عليّ ما ترون، ولقد كنتُ أرى محمد بن المنكدر - وكان سيد القراء - لا نكاد نسأله عن حديث أبدًا إلا يبكي حتى نرحمه، ولقد كنتُ أرى جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وكان كثير الدعابة والتبسم فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وآله وسلم اصفر لونه، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا على طهارة، وقد اختلفت إليه زمانًا فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصليًا وإما صامتًا وإما يقرأ القرآن ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وكان من العلماء والعباد الذين يخشون الله عز وجل).
اظهار أخبار متعلقة
بكاء ونزيف
أيضًا يروى أن عبد الرحمن بن القاسم -وهو من تلاميذ الإمام مالك المخلصين- كان يذكر النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فيُنظر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جفّ لسانه في فمه هيبة منه لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
كما يذكر الإمام مالك رضي الله عنه، أنه كان يأتي عامر بن عبد الله بن الزبير، فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع، ويضيف الإمام المالك: "لقد رأيت الإمام الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم، فإذا ذُكر عنده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكأنه ما عرفك ولا عرفته.. لقد كنتُ آتي التابعي الفقيه صفوان بن سُليم وكان من المتعبدين المجتهدين، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه".
هذا هو الرسول
إن لم تكن تعرف عزيزي المسلم، قدر نبيك الأكرم صلى الله عليه وسلم، فاعلم يقينًا أنه الرجل العظيم الذي استطاع أن يقف أمام العالم أجمع وأمام جهالات قريش وكفرها العنيد وأمام الأصنام وعبادة الكواكب وكل ما يعبد من دون الله وقف يدعو الله وحده لا شريك له ونبذ كل ما سواه ، إنه بحق لجدير بكل تبجيل واحترام ليس فقط من أتباعه بل من كل من يفهموا العبقرية وخصائصها، ومن ثمّ إذا ذكر اسمه أمامك فاجعل قلبك يلين، ودع خواطرك كلها تتحس المعنى العظيم في اسمه، والمعنى العظيم في مواقفه، وحرك قلبك معه، علّه ينوله من هديه شيء فيكون قد حقق المراد من وجود في الدنيا بأسرها.