تسأل إحداهن قائلة: إن صوتها جميل وتشعر بالراحة في الغِناء وهي في الحمام.. فهل يعرضها ذلك لأذى الجن (التلبيس)؟.. والحقيقة أن الجن يسكن في عدة أماكن منها: (في الأماكن الخربة، وفي الأماكن البعيدة عن البشر، وفي الحمامات، وفي المزابل، وفي مراقد الإبل والجمال، وفي المقابر، وفي الجبال، وقيل في المرآة، وقيل أيضًا في الجحور الضيقة".
ومع ذلك لم يثبت أبدًا أن الجن يتلبس الإنسان سواء أثناء غنائه في الحمام أو في أعالي الجبال، ولكن من آداب قضاء الحاجة الصمت، وأن يقول المرء قبل الدخول ما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بك من الخبث والخبائث)، وهما بالفعل أهل الجن، ثم عندما يخرج يردد (غفرانك).
هل يدخل الجن جسم الإنسان؟
لكن هل بالفعل هل يدخل الجن جسم الإنسان؟.. فالجن قد يدخل إلى جسد الآدمي، -حسبما أوضح العلماء- إما بعشق، أو لقصد الإيذاء، أو لسبب آخر من الأسباب، وهو ما تؤكده الآية الكريمة في قوله تعالى: «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» (البقرة 275)، وأيضًا يدل لذلك قول النبي الأكرم صلىالله عليه وسلم : «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ»، وعلى هذا؛ فإن الوقاية المانعة من شر الجن أن يقرأ الإنسان ما جاءت به السنة مما يتحصَّن به منهم؛ مثل: آية الكرسي، فإن آية الكرسي إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلالانشغال بالذكر
كما يقولون (الوقاية خير من العلاج)، فعلى الإنسان أن يتجنب هذه الأماكن، وأن يردد دائمًا الذكر، إذ أنه لا يجتمع الجن في مكان يذكر فيه الله أبدًا، وإن حدث فهم من المؤمنين الذين لا يضرون، وهو ما أكده القرآن في قوله تعالى: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا» (الجن 1).
وهناك صحابي يدعى أسيد بن حضر رضي الله عنه، كان قارئًا للقرآن، فاستمعت الملائكة له وهو يتلو سورة الكهف، فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث البراء بن عازب قال: كان رجل يقرأ سورة الكهف، وإلى جانبه حصان مربوط بشطنين، فتغشته سحابة فجعلت تدنو وتدنو، وجعل فرسه ينفر، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: «تلك السكينة تنزلت بالقرآن»، وفي رواية: «تلك الملائكة كانت تستمع لك، ولو قرأت لأصبحت يراها الناس ما تستتر منهم».. إذن على كل مسلم أن يحمي نفسه بالقرآن، فإنه ليس فقط درئًا من الجن، وإنما أيضًا يجلب الملائكة.