"أتحمله في الدنيا بعيوبه ومشاكله ومآسيه. فكيف تأخذه مني (حورية) في الجنة؟".. لعل هذا هو لسان حال كل زوجة، خصوصًا إن كانت تحب زوجها وتغار عليه حتى من (حوريات الجنة)، وبالمناسبة هذا حقها.. حقها أن تغار عليه، وأن تتمنى لو كان لها وحدها، ولكن كيف لها أن تمنع عنه ما أهداه الله له في الجنة؟.
فلتعلم كل امرأة (تفكر بهذه الطريقة) أن للجنة مقاييس أخرى ليس لها علاقة بأحوال الدنيا، فلا (غل ولا حقد ولا حسد ولا غيرة)، فضلا عن أن الزوجة التي تموت على زوجها، فهي أيضًا ستكون زوجته في الجنة -بإذن الله- إلا أنها ستكون في عيني زوجها أجمل من الحور العين جميعهم.. وأما الاكتفاء بك كزوجة في الجنة عن الحور العين، فقد قال تعالى: «لَهُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ» (ق 35).
ملكة متوجة
عزيزتي الزوجة، اعلمي يقينًا أنكِ ستكونين ملكة متوجة في الجنة -بإذن الله-، بينما الحوريات فرغم جمالهن، إلا أنهن درجة أقل منكِ جمالا ومكانة، فهن بالأساس خلقن كهدية للرجل المسلم الصالح، بينما أنتي خلقتي لتعينيه على مصاعب الدنيا، فإن أحسنتي فإن درجتك وقدرك في كان لا يقل عنه، سوى أنه يظل زوجك في الجنة، لكن على أن تكون في جمال ليس له مثيل، جمال (آخاذ) لا يمكن لزوجك (حينها) أن يتركه ويمضي لينظر لغيره، حتى لو كانت (بنات الحور)، والله سبحانه وتعالى قال في سورة الدخان: «كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ» (الدخان 54)، »، والحور جمع حَوراء، وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة.
وقد وعد المولى عز وجل أن الحور العين ليست لقاتل أو فاسد أو عاص، وإنما للصالحين فقط، وفيهن يقول النبي الأكرم صلي الله عليه وسلم: «ثَلَاثٌ خصال من أتى بهم مع الإيمان بالله دخل الجنة من أي الأبواب الثمانية شاء، وزوج مِنَ الْحُورِ الْعِينِ بما شَاءَ: رَجُلٌ اؤْتُمِنَ عَلَى أَمَانَةٍ خَفِيَّةٍ شَهِيَّةٍ، فَأَدَّاهَا مِنْ مَخَافَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ عَفَا عَنْ قَاتَلِهِ، وَرَجُلٌ قَرَأَ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ».
اقرأ أيضا:
الفرق بين الكرم والسفه.. بطون المحتاجين أولىغيرة الزوجة
إذن لا يمكن لزوجة أن تشعر بأي غيرة تجاه (حوريات الجنة)، لأن الجنة هي دار النعيم التي أعدها الله لعباده المؤمنين، من دخلها ينعم ولا يبأس، وهي دار السلام ففيها السلامة من كل آفة وعيب ونقص، فالنفوس راضية والقلوب صافية لا حقد ولا حسد ولا غل، قال تعالى: «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ» (الحجر: 45 – 48).
فإذا كان الرجل في الجنة قد وعده الله بالحور العين مع زوجاته من أهل الدنيا ولم يرد ما يفيد تخييره في الاكتفاء بزوجته عن الحور العين، فزوجته لن تشعر بغيرة عليه من الحور العين، وإنما ستكون راضية سعيدة قريرة العين، لأن هذا هو حال أهل الجنة (الرضا والنعيم).