في بعض الأحيان لا سيما في الريف والبدو وغيرها من الأماكن المتواضعة البعيدة عن العمران يجد الساكن حية أو ثعبانًا في بيته، وفي هذه الحالة مع ما يصيبه من الفزع فإنه مأمور بان يمهلها ثلاثا قبل قتلها.
لا تقتلوا حيات البيوت:
وهذا المعنى ورد في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام مسلم ومالك في آخر الموطأ وغيرهما عن { أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في بيته قال : فوجدته يصلي فجلست لأنتظر فراغه فسمعت حركة تحت سرير في ناحية البيت ، فالتفت ، فإذا حية فوثبت لأقتلها فأشار إلي أن اجلس فجلست ، فلما انصرف أشار إلى بيت في الدار فقال : أترى هذا البيت ؟ قلت : نعم قال : كان فيه فتى منا حديث عهد بعرس ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق ، فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انتصاف النهار ، ويرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال صلى الله عليه وسلم : خذ عليك سلاحك فإني أخشى عليك بني قريظة ، فأخذ الرجل سلاحه ، ثم رجع إلى أهله ، فوجد امرأته بين البابين قائمة ، فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته غيرة فقالت له : اكفف عنك رمحك وادخل البيت حتى تنظر ما الذي أخرجني ، فدخل ، فإذا حية عظيمة مطوقة على الفراش فأهوى إليها برمحه فانتظمها ، ثم خرج به ، فركزه في الدار فاضطربت عليه وخر الفتى ميتا فما ندري أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى قال : فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه بذلك وقلنا : ادع الله أن يحييه فقال : استغفروا الله لصاحبكم ، ثم قال إن بالمدينة جنا قد أسلموا، فإذا رأيتم منها شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه ، فإنما هو شيطان}.
والحيات جمع حية، وهي الناشئة في وقبل قتلك لها وتطلق على كذلك على الثعبان وتقدم أن الحية تطلق على الذكر والأنثى.
معنى إنذار الحيات ثلاثا:
ومعنى أن تستأذنها ثلاثًا، وقع الخلاف بين العلماء في تفسيرها هل هو ثلاثة أيام، أو ثلاث مرات والكلام صالح لكل منهما . قال في الآداب الكبرى : يسن أن يقال للحية التي في البيوت ثلاث مرات . وفي المجرد ثلاثة أيامو ومقتضى الحديث ثلاثة أيام .
كيفية استئذان الحيات:
وردت أكثر من صيغة في كيفية الاستئذان ففي الآداب الكبرى وغيرها: اذهب بسلام لا تؤذنا . وفي حياة الحيوان تقول : أنشدكن بالعهد الذي أخذه عليكن نوح وسليمان بن داود عليهم السلام أن لا تبدوا لنا ولا تؤذونا .
وفي أسد الغابة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {: إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها : إنا نسألك بعهد نوح صلى الله عليه وسلم وبعهد سليمان عليه السلام لا تؤذينا ، فإن عادت فاقتلوها } ، فإن ذهبت بعد الاستئذان وإلا قتله إن شاء ، وإن رآه ذاهبا كره قتله وقيل لا يكره والله أعلم .