يسأل أحدهم: (كيف نحاسب على ما جرنا الشيطان إليه جرًا؟).
يوم القيامة يجري حوار بين الإنسان والشيطا، فيقول تعالى: «وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ» -يعني يوم القيامة- «إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ»، يعني قال لكم لا تتبعوا الشيطان لأنه لكم عدو، يريد أن يغويكم ويدخلكم النار «وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ»، أي أغويتكم وأعطيتكم الأماني، «وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ».، يعني لم أجبر أحدًا منكم على المعصية، «إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ»، أي وسوست لكم فقط، فكانت المتيجة «فَاسْتَجَبْتُمْ لِي»، أي فأطعتوني، وبالتالي «فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم».. أي لا تلقوا اللوم عليّ، بل ألقوا اللوم على أنفسكم.. لأنه باختصار «مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ»، أي أنا الآن لا أستطيع نفعكم، «وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ»، وأنتم كذلك لا تستطيعون نفعي، «إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ».
تسلط الشيطان
لذلك على كل مسلم، أن يعي يقينًا أن إضرار الشيطان ببني آدم لا يقتصر على الدين، بل يشمل ضرر الدين، وضرر الدنيا معا، وأكبر ضرره هو تسلطه على العبد بالإضلال، والصد عن سبيل الله تعالى، والمد في الغي حتى الممات، بما يستوجب النار. وهذا قد أعاذ الله منه عباده الصالحين، كما قال تعالى: «إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ» (النحل: 99، 100).
ومن هذا القبيل: تقييض الشيطان لمن أعرض عن كتاب الله تعالى، يضله ويصده عن الحق حتى يحق عليهما العذاب جميعا -والعياذ بالله- كما قال تعالى: «وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ * وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ * وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ» (الزخرف: 36 - 39).
الوسوسة خواطر الشر الرديئة
على كل مسلم أن يعي أيضًا الوسوسة مجرد خواطر الشر الرديئة، لا يخلو منها إنسان - حاشا نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم، الذي أعانه الله على قرينه من الجن فأسلم، فلا يأمره إلا بخير- فالفرق بين الناس ليس في حصول هذه الوسوسة ووجودها، وإنما في قبولها والتأثر بها، أو كرهها وردها، فالكل يجدها (المؤمن، وغيره).
لكن المؤمن يكرهها ويدفعها، فيزداد إيمانا، وأما غيره فيتأثر بها بحسب عصيانه، أو ضعف إيمانه، فلنحذر من وسوسة الشيطان، لأنها أسهل الطرق إلى النار ولعياذ بالله، ولهذا قال تعالى: «حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ»، كما في قوله تعالى: «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا».
اقرأ أيضا:
أخي العاصي لا تمل وتيأس مهما بلغت ذنوبك وادخل إلى الله من هذا الباب.. التوبة