نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النظر إلى العورات، ولو كان من رجل إلى رجل، أو من امرأة إلى امرأة بشهوة أم بغير شهوة، قال: "لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضي الرجل إلى الرجل في الثوب الواحد، ولا المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد".
لا تكن مثل فتيات الليل
ولكن هناك من الناس من هو مفتون بالنظر إلى النساء في الطرقات والميادين، ولا يستطيع أن يتخلص من هذه الفتنة، خاصة مع انتشار الملابس الضيقة والكاشفة للنساء في هذا العصر، رغم انتشار الحجاب، لكن تقليد الغرب والانفتاح بماهو أكثر من المسموح به خلقا ودينا، أدى لفساد خلق الناس رجالا ونساء، وأصبح الرجال بل خجل يطيل النظر للنساء في الشوارع، ويتعرض لهن بالتحرش، وزيادة معدلات الاغتصاب.
والنظر إلى النساء فتنة كبيرة من يقع فيها يعاني من أكثر الأشياء فسادا لعقله وخلقه، فكما قيل النظرة الاولى لك والنظرة الثانية عليك، وحينما تنظر بعمق لهذه الكلمات المأثورة، تجد حقيقها واقعة بشدة على عقلك، فأنت حينما تنظر لمرة ثم تتمادى في النظر، تتمكن منك الفتنة بشكل شديد، وتوغل بعد أن تسيطر عليك شهوتك نتيجة إطالة النظر لجسد إحداهن، في النظر لأي امرأة بالطرق بعدما سيطرت عليك الشهوة.
فيصبح الرجل في بعض الأوقات وهو يمر في الطريق في حالة من التيه يبحث عن سراب، في جسد هذه المرأة، أو مفاتن تلك الفتاة، لتجد مع تطورات حالته أنه أصبح أكثر تشتتا، وأسيرا للذة مؤقتة في جسد النساء بالطرقات، الأمر الذي ربما يؤثر على عمله ودراستهن إذا تمكنت هذه الفتنة من السيطرة على تفكيره، بل تجده يمضي في الطرقات مثل نساء أو فتيات الليل التي تنتظر زبونها.
فالرجل حينما يصل إلى هذه الحالة يفقد وقاره، وهيبته، فقد تجد شيخا في الطريق وهو يتحرش بفتاة صغيرة من عمر أبنائه، وقد تجد رجلا عليه هيئة الهيبة والوقار ويرتدي أفضل الثياب وأفخمها وكأنه صاحب منصب أو كلمة، ومع ذلك تجده غير متزن حينما يرى فتاة جميلة في الطريق، وقد تجد أخرا يقف للنساء في الميادين، وغيرهم من يقف من شرفة بيته ليتعرض للنساء من جيرانه مثل المراهقين.
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهاتب فورًا عن هذه الفتنة
عن عائشة أن أسماء بنت أبي بكر -أختها- دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في لباس رقيق يشف عن جسمها، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال: "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا" -وأشار إلى وجهه وكفيه-. وفي الحديث ضعف ولكن تقويه أحاديث صحاح في إباحة رؤية الوجه والكفين عند أمن الفتنة.
وأكد الشرع الشريف أن تتبع عورات الآخرين والتشوف إلى الاطلاع عليها من الأخلاق السيئة والأمور المحرمة التي تُشيع الفساد في المجتمع؛ فيجب على من يفعلها التوبة والإنابة والتحلل بطلب العفو والمسامحة ممن ظلمهم بتلك الطريقة إذا علموا بما فعله واقترفه، وإلا فليتب فيما بينه وبين ربه، ويستغفر لهم، ولا يحمله ما اطّلَع عليه من عورات هؤلاء الناس على كرههم ولا الحط من قدرهم.
والتوبة من المعصية واجبة شرعًا باتفاق الفقهاء؛ لأنها من أهم قواعد الإسلام؛ قال الله تعالى: ﴿وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [النور: 31]: [قوله تعالى: ﴿وَتُوبُوا﴾ أمر. ولا خلاف بين الأمة في وجوب التوبة، وأنها فرض متعين.. والمعنى: وتوبوا إلى الله فإنكم لا تخلون من سهو وتقصير في أداء حقوق الله تعالى، فلا تتركوا التوبة في كل حال] .
والتوبة من الذنوب واجبة، وعلى المذنب أن يبادر بها؛ ليخرج من الدنيا سليمًا معافًى آملًا وراجيًا من الله عز وجل أن يتفضل عليه ويُدخله الجنة وينجيه من النار، وإذا تعلَّق الذنب بحقوق العباد فلا بد من التحلل من المظلمة؛ لأن الله تعالى قد يغفر ما كان من الذنوب متعلقًا بحقه، ولا يغفر ما كان متعلقًا بحقوق العباد، إلا إذا تحلَّل الظالم من المظلوم فسامحه.
فمَن كان من المسلمين يتتبع عورات الناس فعليه بالتوبة من ذلك، وقد تفضل الله تعالى على عباده بقبول توبتهم والعفو عن سيئاتهم، فمتى تاب العاصي من معصيته واستغفر الله لذنبه قَبِل الله توبته وغفر له؛ قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الشورى: 25]، وقال عز وجل: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: 110]، وهو ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديثه الشريف؛ فعن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: «التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» رواه ابن ماجه في "سننه".
اقرأ أيضا:
10 أعمال تعادل ثوابها الحج والعمرة للعاجزين عن زيارة بيت الله الحرام