" إحنا مالنا ومال الناس، خلينا في حالنا"، "لا أنا في حالي ماليش دعوة بحد و لا حد لي دعوة بيّ، أنا لا أختلط حتي مع الجيران و الأقرباء، ومستريح كده"، أقوال نرددها كثيرًا، على الرغم من أننا نعتمد في حياتنا كلها على بعضنا البعض، أي "الناس"!
فهل هذه المقولة صحيحة، وجيدة؟!
تؤكد الدكتورة غادة الخولي، أستاذ الطب النفسي على أنها مقولة خاطئة تمامًا، بل وخادعة، فالشخص لا يكون سويًا نفسيًا بدون اختلاط مع الناس، وعلاقات، وتعاملات معهم، تقول:"
خلقنا الله سبحانه وتعالى مفطورين علي حياتنا الإجتماعية، والاختلاط بالناس، بل إن العلاقات الاجتماعية (socialization) هي من الأسس الخمس للنمو النفسي".
اقرأ أيضا:
نصائح للتعامل مع الزوجة خلال فترة الحيض؟وتضيف أستاذة الطب النفسي:" هناك خمسة أسس للتعامل السليم، السوي مع الناس، وهي:
التعلم منهم، وهي نعمة عظيمة منحها إيانا اللله، بأن أعطانا القدرة على التعلم من تجارب الآخرين، ولذلك نجد أن القرآن الكريم أورد الكثير من قصص الأولين، لهذا الغرض، لنتعلم ونتعرف على نقاط ضعفنا وقوتنا، ونأخذ العبرة ونتعلم الدرس، فهذه القصص بمثابة دراما الشعوب وعلاقتها بالثقافة، فنحن نشاهد السنما لنتعلم لا نقلد، ففي قصة سيدنا يوسف عليه السلام، نحن نتعرف على القصة لنتعلم، لا لنقلد فرعون ولا امرأة العزيز مثلًا.
عدم الحكم على الناسومن الأسس التي ترتكز عليها العلاقات الاجتماعية السوية نفسيًا أيضًا-والكلام للدكتورة غادة الخولي- عدم الحكم علي الناس، أو قبول أحكامهم علينا، فلا يوجد شيء اسمه رأي فيّ ورأيي في الناس، فالمقارنات سلوك غير صحي وغير مطلوب، فالاختلاف سنة الله في الكون ، كما أننا لا نقلد الناس أيضًا، لخطورة هذا السلوك، فصحيح أن الجماعة تؤثر على الفرد وهذا معلوم بحسب علم النفس الاجتماعي ولكن في الوقت نفسه كل فرد مسئول عن مشاعره وأفكاره وسلوكه، وهذا في علم النفس السلوكي والمعرفي، وهو يتماشى تمامًا مع العقيدة بالحساب و الجزاء، إذ كيف سأحاسب علي ما تأثرت به من غيري سواء كانوا أهلي أو أصدقائي، أو مجتمعي، أو ممثلين في فيلم أو مسرخية، إلخ؟!
وتستكمل الخولي حديثها، تقول:" الثقة في الناس ليست هدية أمنحها لهم، ثم أندم عليها، بل هي مشوار طويل من المواقف، والامتحانات، والتجارب، التي تبين سمات الشخص وأخلاقه وقيمه، ومن ثم يمكنني تقييم أهمية وجوده في حياتي، وبذا يمكنني التعامل بشكل سوي مع الناس".
وتختتم الخولي حديثها بالقول:" الناس كما البضائع في الأسواق، لابد أن تكون مصنفة، وإلا ستصاب بالاحباط والتخبط بسبب كثرتهم واختلاط الحابل بالنابل، فلابد أن نعرف أن الناس بضاعة جاهزة وليست تفصيل، ونرى الارشادات والتعليمات المكتوبة عليها، لنقرر ما إذا كنا سنشتريها أم لا، وهكذا، كل شخص لديه صفات موجودة، وأخرى ناقصة، وعليّ أن أعرف هذا وأقبله كما هو لا أقبله لأغيره، فأقبل ما يتماشى مع قيمي، وحياتي، وسمات شخصيتي، وأحذر دائمًا في علاقاتي مع الناس فهي باب كبير لفتنة النفس، لذا لابد من وضع حدود نفسية لي، وحمايتها من الاستباحة".