كثيرون عندما يسألون عن أمر ما، وخصوصًا فيما يتعلق بالشريعة والفقه، يقولون (الله ورسوله أعلم)، وهي عبارة لفتت انتباه العلماء كثيرًا، إذ أن الله لا شك أعلم بكل الأمور، لكن هناك أمور قد لا يعلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن ذلك مثلاً، إذا سأل أحدهم عن موعد القيامة، فكيف يكون الرد الله ورسوله أعلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم، بذاته ينفي علمه بها على الإطلاق، قال تعالى يوضح ذلك: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي ۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ۚ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ۗ يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا ۖ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللَّهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ» (الأعراف 187).
رأي العلماء
وحول تفسيرهم لحقيقة هذه المقولة (الله ورسوله أعلم) يبين العلماء أن الأمور الشرعية يصح فيها العطف بالواو، وأما الكونية (الأمور القدرية التي تتعلق بمشيئة الله) فيقال: (ﷲ أعلم) فقط، فحين سئل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم عن الروح مثلا، تراه عليه الصلاة والسلام ينفي علمها بها، إلا أن الله يجيبه قائلا: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا» (الإسراء 85)، وحتى عندما سئل عن الجبال أرجع الأمر في معرفته لله عز وجل، فقال تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لاّ تَرَىَ فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً يَوْمَئِذٍ يَتّبِعُونَ الدّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الأصْوَاتُ لِلرّحْمَنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاّ هَمْساً» (سورة طه:105-108)، إذن هناك أمور غيبية لا يعلمها إلا الله عز وجل يجب على كل مسلم أن يعيها تمامًا، ولا ينسبها لغيره أبدًا.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلعلم الغيب
علم الغيب يقتصر على المولى سبحانه وتعالى دون سواه، كما قال الله سبحانه: «قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ» (النمل:65)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى: «قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ» (الأعراف:188). ويقول سبحانه أيضًا: «وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ» (الأنعام:59).
إذن الغيب إلى الله فقط يختص به عن غيره، ويعلم ما كان وما يكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، ويعلم ما يكون في الآخرة، وما في الجنة والنار، ويعلم الناجين من الهالكين، ويعلم أهل الجنة، ويعلم أهل النار، ويعلم كل شيء، فعلينا أن نعي ذلك وألا نربطه بآخر مهما كان.