ما الذي يجري ويحدث بيننا هذه الأيام، ما الذي نقرأه في الصحف يوميًا عن ابن ألقى بأمه في دار مسنين، أو آخر تعدى بالضرب على أبيه.. هل اقتربت الساعة أم أننا نعيش كابوسًا يصعب الخروج منه؟.. كيف بلغ الحال بنا أن أصبح سماع عقوق الابن لأبيه أو لأمه أمرًا عاديًا اعتدنا عليه ربما كل يوم؟.
أين إسلامنا الذي يمنعنا عن ذلك، ويدفعنا دفعًا نحو معاملتهم معاملة خاصة جدًا، حتى أن لفظ (أف) لا يجرد بك قوله أبدًا وتحت أي ظرف مهما كانت الأسباب، كيف نسينا قوله تعالى: «۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا» (الإسراء 23)، كيف تبدل بنا الحال من القول الكريم إلى السب واللعن والشتم وأحيانًا الضرب والاعتداء؟.
كارثة العقوق
عقوق الوالدين كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إذ تضرب المجتمع في ثوابته، وتدفعه دفعًا نحو الانهيار المجتمعي شيئًا فشيئًا، فكيف يأمرنا الله عز وجل بطاعة الوالدين ومعاملتهما أحسن معاملة، بل وربط بينه وبينهما سبحانه وتعالى في قوله: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً» (النساء:36)، ونحن نخالف ذلك.
وترى منا يجرؤ على مد يده على أبيه، وإذا ناقشته يقول لك (يستاهل)، كيف يستحق ذلك، وهو من شقي عليك أيامًا وسنوات، أمل تره وهو لم ينم ليالٍ كنت فيها مريضًا وأنت صغير، أو خرج ليشقى بالساعات حتى يحضر لك ما تحتاجه، كيف لم تر كل ذلك، وتحول قلبك إلى هذه القسوة؟.. ألم تعلم أنها أكبر الكبائر بعد الشرك بالله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين».
انحراف خطير
وعقوق الوالدين الذي يتزايد بشكل مخيف إنما هو انحراف خطير عن شريعة الله تعالى التي جعلت رضا الله في رضا الوالدين وسخطه سبحانه في سخطهما، كما في الحديث النبوي الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد»، والتي جعلت الجنة تحت أقدام الأمهات فلن يدخل الجنة عاق لوالديه.
في الحديث: «ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث.وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى»، كما إن العاق لوالديه يعرض نفسه لدعاء والديه عليه، ودعاؤهما مستجاب فقد ورد في الحديث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنَّ: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده».