يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ» (سبأ 26)، يقول بعض أهل العلم: إنها الآية الوحيدة في القرآن الكريم التي استخدم الله فيها وصف "الفتاح العليم"، وهو الوصف الذي جاء بعد فعلين: "يجمع" و"يفتح" بالحق، وأسماء الله عز وجل جاءت للتقرب إليه، والدعاء بها، والتضرع إليه بمعانيها.
قال الله تعالى: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» (الأعراف:180)، أما اسم الله (الفتاح) فيعني أنه سبحانه وتعالى الحاكم الذي يقضي بين عباده بالحق والعدل، ويحكم بينهم فيما هم فيه يختلفون، وقد قال الله تعالى عن نبي الله نوح عليه السلام قوله: «قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ * فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» (الشعراء:117 ـ 118).
خير الحاكمين
وفي التفسير أن قوله «وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ»، تعني أنه سبحانه وتعالى خير الحاكمين، فهو العادل الذي لا يجور ولا يظلم أبدًا، ذلك أنه سبحانه وتعالى الذي يفتح على عباده المؤمنين بالنصر، قال الله تعالى: «فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ» (المائدة:52).
وفي ذلك يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: « (أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْح) فتح مكة والنصرة لمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه».
وأما قوله تعالى: «إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا» (الفتح:1)، يفسرها الإمام السعدي في قوله: «هذا الفتح المذكور هو صلح الحديبية»، وصلح الحديبية هو الفتح الذي فتح الله عز وجل به على نبيه صلى الله عليه وسلم، وجاء من بعده الخير الكثير للمسلمين.
أما من معاني اسم الله (الفتاح)، أنه سبحانه بيده مفاتيح الغيب، يفتح لمن يشاء من عباده أبواب الرزق والرحمة، وقضاء الحوائج وتفريج الكربات، وما فتحه الله سبحانه لعبده من رحمة ورزق لا يمكن لأحد أيًا كان شأنه أن يمنع هذا الرزق عنه، قال الله تعالى: «مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» ( فاطر:2).
العليم
أما اسم الله العليم، والذي جاء متضامنًا لاسم الفتاح، وهو من العلم، ولكن أي علم؟، فعلم الله عز وجل يختلف عن علمنا نحن، فشتان بين علم مقيد محدود وعلم مطلق بلا حدود.
فسبحانه وتعالى في كمال علمه وطلاقة وصفه، فعلمه فوق علم كل ذي علم، كما قال الله تعالى: «نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ» (يوسف:76) فعلم الله تعالى هو علم بما كان، وما هو كائن وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون، إذ أنه سبحانه وتعالى أحاط علمه بجميع الأشياء ظاهرها وباطنها، دقيقها وجليلها.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائل