للأسف في مجتمعاتنا هذه الأيام، يُنظر إلى الشخص (الطيب) على أنه (ضعيف)، أو (ساذج)، يؤكل حقه وتتعرض حقوقه للضياع، وربما يهاجمه الناس صغار وكبار، لا لشيء إلا لأنه (طيب) أو قلبه مازال نظيفًا، ولم يمتلئ بالحقد والكره والحسد الذي بات يحاصر الكثير من الناس في كل مكان.. لكن عزيزي (الطيب) لا تيأس ولا تحزن، بل احمد الله عز وجل أن حلقك بهذه الطيبة.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بمن يحرم على النَّار، وبمن تحرم النَّار عليه؟ على كل هين لين قريب سهل»، بينما يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، «لست بالخب ولا الخب يخدعني»، والمعنى: لست بالماكر المخادع -وحاشاه عن ذلك- ولكنه لا يمكن أن يخدعه الماكر المراوغ، فليس المؤمن مخادعًا غادرًا، كما لا يسمح لغيره أن يخدعه.
هون على نفسك
عزيزي الطيب هون على نفسك، ولأن اللين ظاهرة سلوكية تنبع عن قلب لين طيب، فقد عاتب ربنا وعز وجل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حين رأى منهم تغيرًا في القلوب ، يقول الله تعالى : «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ» (الحديد:16).
ويعلق ابن مسعود رضي الله عنه على هذه الآية الكريمة، قائلاً: «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ... إلا أربع سنين »، فإن كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قد احتاجوا إلى تلك اللفتة القلبية بعد أربع سنوات من إسلامهم ، فكم تحتاج قلوبنا إلى تعهد وتزكية هذه الأيام؟.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلأجمل الزينة
أجمل الزينة أن يتجمل المرء باللين وطيبة القلب، وقد تعجبت السيدة عائشة رضي الله عنها، من موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استأذن رجل بالدخول عليه ، فنعته بقوله : «بئس أخو العشيرة»، ( فلما دخل ألان له الكلام)، وليس عجيبا أن يكون هذا شأن نبينا صلى الله عليه وسلم وهو القائل : «ما كان الرفق في شيء إلا زانه».
ولما سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، فأوجزها له في صفات ذكر منها : «لين الكلام وبذل الطعام»، فإذا كان قصدنا الفوز برضا الله عز وجل ، والنجاة من النار ، فإن المسلم لينال باللين ما لا يناله بالغلظة والشدة ، كما في الحديث النبوي الشريف، يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «حُرم على النار : كل هيّن ليّن سهل ، قريب من الناس».