كثيرة هي آفات اللسان التي تورد صاحبها المهالك فمن حفظ لسان قطع شوطا طويلا للنجاة ومن تعرض لها فهو فقد خسر كثيرا.
المقصود بحفظ اللسان:
من جانبه يبين الداعية الإسلامي د. محمود عبد العزيز أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن حفظ اللسان من الأخلاق الحميدة والصفات الحسنة، والمقصود بحفظ اللسان ألّا يتحدث الإنسان إلّا بالخير، ويبتعد عن قبيح الكلام، وعن الغيبة والنميمة وغير ذلك، مضيفا أن الإنسان مسؤول عن كلّ لفظ يخرج من فمه، حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، واللسان نعمة كبيرة النفع والأثر، إن سخر في جوانب الخير ومناحيه، وعظيم الخطر والضرر، متى أضاع الإنسان رقابته عليه وأطلقه في كل شيء، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، فيما رواه البخاري «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
ويضيف: إذا لم نتعلم من رمضان حفظ اللسان عن اللغو، وحفظ اللسان عن الكذب، وعن الغيبة، وعن النميمة، فمتى سنعلم أنفسنا حفظ اللسان، فهذا رمضان فرصة لنا جميعًا، وكما يقول العوام في الأمثال: (لسانك حصانك، إن صنته صانك، وإن خنته خانك).
وصايا نبوية في حفظ اللسان:
ويذكر د. " عبد العزيز" عدة وصايا نبوية في حفظ اللسان منها ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من يوم يصبح فيه ابن آدم إلا والأعضاء كلها تكفر اللسان، وتقول له: يا لسان: اتق الله فينا، اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا، وإن اعوججت اعوججنا» رواه الترمذي وقوله صلى الله عليه وسلم يبين لنا المسلم الحق فيقول: «المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ» رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم لقننا درسًا عظيمًا في حفظ اللسان، فها هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، قالت: يا رسول الله حَسبك من صفية أم المؤمنين رضي الله عنها أنها كذا وكذا، تقصد أنها قصيرة. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: «لَقَدْ قُلْتِ كَلِمَةً لَوْ مُزِجَتْ بِمَاءِ الْبَحْرِ لَمَزَجَتْهُ» رواه أبو داود، فبين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة الكلمة، وخطورة اللسان.
حفظ اللسان نجاة:
ويوضح الداعية الإسلامي ان حفظ اللسان سبب في نجاة العبد في الآخرة فهذا عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: يا رسول الله ما النجاة؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ، وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ» رواه الترمذي، وهذا عبدالله بن مسعود رضي الله عنه يقول: «ما من شيء يحتاج إلى طول سجن من لسان».
ورؤي أبو بكر الصديق رضي الله عنه ذات يوم وهو يجذب لسانه، فقيل له في ذلك، فقال: «هذا أوردني الموارد»، أي المهالك. الله أكبر، كانوا يحفظون ألسنتهم عن الغيبة وعن النميمة.
ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ». رواه الترمذي، فالنجاة إذا في أن تمسك اللسان عن القيل والقال، وعن الغيبة والنميم.
وينصح د. "عبد العزيز" المسلم بقوله: احفظ لسانك إلا من ذكر الله تعالى، احفظ لسانك إلا من الدعوة إلى الله، احفظ لسانك إلا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، احفظ لسانك إلا في الإصلاح بين الناس، قال تعالى ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾. [النساء: 114]، والله تبارك وتعالى وصف أهل الإيمان بأنهم: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾ [المؤمنون:3]، والله تعالى يقول: ﴿وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان:63]، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن سبابًا، ولا شتامًا، ولا لعانًا، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، فلماذا ما نراه من تسلط اللسان؟ وفحش القول؟ ونرى ما يكون من الناس من الإيذاء؟ والله تبارك وتعالى يقول: ﴿مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:18]