كان جبلة بن الأيهم ملك غسان وهم نصارى العرب أيام هرقل وغسان أولاد عم الأنصار أوسها وخزرجها.
وكان جبلة آخر ملوك غسان فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابا مع شجاع بن وهب يدعوه إلي الإسلام فأسلم وكتب بإسلامه إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إسلامه وردته:
يقول الحافظ ابن عساكر: إنه لم يسلم قط، بينما قال الإمام الواقدي: شهد اليرموك مع الروم أيام عمر بن الخطاب ثم أسلم بعد ذلك في أيام عمرو فاتفق أنه وطء رداء رجل من مزينة بدمشق فلطمه ذلك المزني فدفعه أصحاب جبلة إلي أبي عبيدة بن الجراح.
فقالوا: هذا لطم جبلة قال أبو عبيدة فيلطمه جبلة فقالوا: أوما يقتل؟ قال: لا، قالوا: فكنا تقطع يده؟
قال لا إنما أمر الله بالقصاص فقال جبلة أترون أني جاعل وجهي بدلا لوجه مازني جاء من ناحية المدينة؟ بئس الدين هذا ثم ارتد نصرانيا ورحل بأهله حتى دخل أرض الروم.
فبلغ ذلك عمر فشقّ عليه وقال لحسان بن ثابت- شاعر الرسول- وذلك لأنه كان يفد على الغساسنة قبل الإسلام ويقول فيهم الأشعار- إن صديقك جبلة ارتد عن الإسلام .
فقال حسان شاعر الرسول: إنا لله وإنا إليه راجعون ثم قال: ولما؟ قال لطمة رجل من مزينة فقال وحق له فقام إليه عمر بالدرة فضربه.
تفاصيل مثيرة:
بلغ الفاروق عمر إسلام جبلة، وفرح بإسلامه ثم بعث يستدعيه ليراه بالمدينة وقيل: بل استأذنه جبلة في القدوم عليه فأذن له فركب في خلق كثير من قومه قيل مائة وخمسين راكبا وقيل خمسمائة.
وتلقته هدايا عمر ونزله قبل أن يصل إلي المدينة بمراحل وكان يوم دخوله يوما مشهودا دخلها وقد ألبس خيوله قلائد الذهب والفضة ولبس تاجا على رأسه مرصعا باللآلئ والجواهر، وفيه قرطا مارية جدته.
اقرأ أيضا:
حوار من القلب إلى القلب.. الإمام مالك وهارون الرشيداستقبال أهل المدينة لجبلة:
وخرج أهل المدينة رجالهم ونساؤهم ينظرون إليه فلما سلم علي عمر رحب به عمر وأدنى مجلسه.
وشهد الحج مع عمر في هذه السنة فبينما هو يطوف بالكعبة إذ وطء إزاره رجل من بني فزارة فانحلّ فرفع جبلة يده فحطم أنف ذلك الرجل ومن الناس من يقول إنه قلع عينه.
فاستعدى عليه الفزاري عمر ومعه خلق كثير من بني فزارة فاستحضره عمر فاعترف جبلة.
فقال له عمر : اجعله يقتصّ منك فقال كيف وأنا ملك وهو من عامة الناس؟ فقال: إن الإسلام جمعك وإياه فلست تفضله إلا بالتقوى.
فقال جبلة: قد كنت أظن أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية.
فقال عمر: دع ذا عنك فإنك إن لم ترض الرجل منك فقال: إذا أتنصر. فقال: إن تنصرت ضربت عنقك.
فلما رأى الجد قال: سأنظر في أمري هذه الليلة فانصرف من عند عمر.
فلما أظلم الليل ركب في قومه ومن أطاعه، فسار إلي الشام ثم دخل الروم ودخل علي هرقل في مدينة القسطنطينية فرحب به هرقل وأقطعه بلادا كثيرة وأجرى عليه أرزاقا جزيلة... وأهدى إليه هدايا جميلة.