القرآن الكريم في مجمله، إعجاز تحدى الله تعالى به أهل الفصاحة، والبشر كل يوم يصلون أو يكتشفون أشياءً تعد من المستحيل تصورها، ومن الإعجاز اللغوي بالقرآن الكريم، لماذا قال الله تعالى : «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، ولم يقل (قل هو الله واحد) ؟، فما الفرق بين واحد ...و أحد ؟.. أولا علينا أن نعلم جميعًا أن (واحد) هو مفتتح العدد، فتقول: (واحد ، اثنان ، ثلاثة)، أما (أحد) فمنقطع العدد، فـ(أحد) ليس له ثانٍ، كما أن (واحد) له مؤنث، فتقول: واحدة، بينما (أحد) فلا يؤنث، وهذا مقام تشريف لله عز وجل، كما أن (واحد) يأتي وصفًا لأي شيء، فتقول: رجل واحد، وكتاب واحد، أما (أحد) فاختص به الله وحده، فتقول: (اللَّهُ أَحَدٌ)، ولا تقول الرجل أحد.

واحد لا يجزأ

أيضًا من إعجاز قوله (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، أن (واحد) يتجزأ وينقسم إلى أجزاء متعددة، فالواحد يتجزأ إلى أرباع وأثلاث، أما (أحد) لا يتجزأ فأحد يعني الوحدة، كما أن (واحد) لا يفيد النفي المطلق، فعندما تقول: ما قتلت واحدًا، تحتمل أنك قتلت اثنين أو ثلاث، فالنفي بـ(واحد) لا يبرؤك، أما (أحد) فتفيد النفي القاطع، فعندما تقول: ما قتلت أحدًا تعني البراءة، كما أن (واحد) تستخدم للعاقل وغير العاقل، تقول رجل واحد، وجمل واحد، أما (أحد) فلا تستخدم إلا للعاقل، وهذا مقام تشريف للمولى عز وجل، فيما أن (واحد) صيغة اسم فاعل.

أما (أحد) صيغتها صفه مشبهة - والصفة المشبهة أقوى من اسم الفاعل.. كل ذلك إنما يؤكد أن هذا كلام الله أنزله بقدرته على قلب خير الآنام محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: «أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» (السجدة: 3).

اقرأ أيضا:

أمثال أصلها من القرآن.. اعرف حكايتها

الافتقار إلى الله

الأساس في معنى قوله تعالى: «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ * الله الصَّمَدُ»، أننا جميعًا نفتقر إلى الله عز وجل، فالقرآن المعجز البيان يبين بإيجازٍ شديد في هذه السورة المباركة التي تتحدث عن التوحيد الإلهي وجود الله وأنه وحده مدبر الكون، وإليه توجه كل شيء، وأنه لا تفسير لشيء من دون إسناده إليه تعالى «قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ» نعم إنه أحد لأنه «الصَّمَدُ»، ومن ثمّ فإنه من المستحيل وجود شيء بلا سبب وفاعل، فالعلوم كلها والموجودات كافة تشهد على اختلاف ألسنتها أن الله هو وحده الخالق القادر، وأنه ليس كمثله شيء.