نحن قوم عرب، ننطق باللغة العربية، ونتحدث بها، ونشتهر بين العالمين بأننا الأمة العربية، ولكن كم منا يعلم معنى كلمة عربي؟.. للأسف القليل جدًا هو من يعرف معناها، فكلمة عربي، تعني التمام والكمال والخلو من النقص والعيب، وليس لها علاقة بالعرب كقومية.
إذ يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ» (يوسف 2)، والمعنى، أي قرآنًا تامًا خاليًا من النقص والعيب، أما تفسير كلمة (عُرُبا) - بضم العين و الراء وفتح الباء - والتي وردت كصفة للحور العين في قوله تعالى: «إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا (37) لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ» (الواقعة 38)، فوصفت الحور بالتمام والخلو من العيب والنقص .
من هم الأعراب؟
كلمة عربي يشتق منها أيضًا كلمة ( الأعراب ) الذين ورد ذكرهم في القرآن على سبيل الذم ليسوا هم سكان البادية، قال تعالى: «الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» (التوبة -97 ).
القرآن أرفع وأسمى من أن يذم الناس من منطلق عرقي أو عنصري، ولو كان المقصود بالأعراب سكان البادية لوصفهم الله تعالى بالبدو كما جاء على لسان نبي الله يوسف عليه السلام: «وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ۖ وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ۖ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي ۚ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ» (يوسف 100).
ومن ثم فمن هم الأعراب إذن؟.. يقول العلماء: إن ألف التعدي الزائدة في كلمة الأعراب قد نقلت المعنى إلى النقيض مثلما في ( قسط و أقسط ).. قسط : ظلم.. أو أقسط : عدل، وبالتالي عرب يقابلها تم وخلا من العيب، بينما أعرب أي نقص وشمله العيب، وهذه في اللغة العربية تسمى همزة الإزالة.
اقرأ أيضا:
عرف أهل الكتاب صفة النبي قبل أن يبعث.. ما الذي يبينونه وما الذي يكتمونه؟ (الشعراوي يجيب)النقص في الدين
إذن الأعراب مجموعة تتصف بصفة النقص في الدين والعقيدة، كما بين المولى عز وجل في قوله: «قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» (الحجرات 14).
ومن ثم فإن اللغة العربية التي هي لغة القرآن ليست لغة بشرية أصلاً بل هي لغة السماء التي علم الله بها آدم الأسماء كلها ثم هبط بها الأرض وكانت هي لغة التواصل بين البشر، فهي من أقدم اللغات وأفضلها كونها لغة ربانية، وعلينا الحفاظ عليها، لأنه اللغة الأشمل والأكمل بين جميع اللغات، ويكفي أنها لغة القرآن.