نردد في صلاتنا: (الحمد لله رب العالمين)، لكن هل نعلم معناها، أو نتوقف قليلاً أمامه؟، فـ رب فيها نوع من أنواع الرعاية والعناية، وفيها نوع من أنواع النمو والتزكية، فالله تعالى هو الذي رعانا واعتنى بنا بعد أن خلقنا ورزقنا من نعمه، أما العالمين، فهي كل ما سوى الله تعالى، أي أنه الخالق والمعبود ولا يعبد سواه سبحانه وتعالى، بينما الباقي تابعين وخاضعين له.
وفي تفسير آخر، فإن وصف رب العالمين يشعر ببيان وجه الثناء المطلق ، ومعنى الرب هو (السيد المربي الذي يسوس مسوده ويربيه ويدبره ، ولفظ)، أما العالمين فجمع عالم بفتح اللام جمع جمع المذكر العاقل تغليبا ، وأريد به جميع الكائنات الممكنة ، أي أنه رب كل ما يدخل في مفهوم لفظ العالم.
الرب
أما لفظ (الرب) فهو اسم من أسماء الله تعالى، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة، تقول: رب الدار، رب كذا، وأما الرب فلا يقال إلا لله عز وجل، وقد قيل إنه الاسم الأعظم، كما ذكر ذلك عدد من المفسرين، وهو في اللغة يطلق على عدة معان، إذ يطلق على المالك، كما يقال لمالك الدار: رب الدار ويطلق على السيد، ومنه قوله تعالى: «اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّك» (يوسف:42).
وفي الحديث، يقول صلى الله عليه وسلم: «أن من أشراط الساعة أن تكثر السراري بين الناس حتى تلد المملوكة سيدتها»، كما يقال لمالك الدار رب الدار، ويطلق على المصلح والمدبر والقائم، ويقول بعض العلماء: يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه، (قد ربه يربه فهو رب له)، ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب، وفي الحديث، يقول صلى الله عليه وسلم: «هل لك من نعمة تربُّها عليه»، أي تقوم بها وتصلحها.
اقرأ أيضا:
الفتور بعد مواسم الطاعات ..داء يصيب كثيرين وهذا علاجهالعالمين
أما العالمين، فهو لفظ المراد كل العوالم عند بعض العلماء، مثل عالم الإنسان ، وعالم الحيوان ، وعالم النبات، كما يراد به أهل العلم والإدراك من الملائكة والإنس والجن ، فيما يراه آخرين أن المراد به الناس فقط كما يدل على هذا وذاك استعمال القرآن في مثل : « أتأتون الذكران من العالمين »، أي الناس ، ومثل « ليكون للعالمين نذيرًا ».
ويرى بعضهم أنه على هذا مشتق من العلم، ومن قال أنه يعم جميع أجناس المخلوقات، إذ أنه ليس لغير رب الناس أن يشرع للناس عبادة ، ولا أن يحرم عليهم ويحل لهم من عند نفسه بغير إذن منه تعالى.
ومنهم من قال إن العالَمين بفتح اللام وردت في تفسيره عدة آراء للعلماء، وأظهرها أنه: اسم لكل كائن سوى الله تعالى، بدليل قوله تعالى: «قال فرعون وما رب العالمين* قال رب السموات والأرض وما بينهما» (الشعراء: 23،24)، وأما العالِمين بكسر اللام فالمراد بها: أهل العلم.