فاتحة الكتاب، هي الأيسر والأسهل في القرآن الكريم، كل المسلمين يحفظونها عن ظهر قلب، لكن القليل فقط من يعرفون قدرها، فهي فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني، والشفاء التام، والدواء النافع، والرقية التامة، ومفتاح الغنى والفلاح، وحافظة القوة، ودافعة الهم والغم والخوف والحزن، ذلك لمن يعرف مقدارها، بينما من لا يعرف، فعليه أن يتعلم ذلك، لما لها من فضل عظيم.
وهي لاشك أعظم سورة في القرآن العظيم، ودليل ذلك ما رواه البخاري وأحمد وأبو داود وغيرهم أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد بن المعلي رضي الله عنه: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن قبل أن تخرج من المسجد.. فقال.. الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته».
ركن أساسي
أيضًا من فضلها وعظيم قدرها، أن قراءتها تعد ركنًا من أركان الصلاة الهامة، وبدونها تقع الصلاة تمامًا، لقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»، كما أنها أول سورة افتتح بها المصحف الشريف، ولذا سميت بفاتحة الكتاب.
وقيل إنه لم ينزل في التوراة ولا الإنجيل سورة مثلها ولا أعظم منها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما أنزل الله عز وجل في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن»، ولمّ لا وهي تتضمن ثبات سلطان الله تعالى على جميع المخلوقات في الأرض والسموات وأنه المتصرف في أمرهم والمالك لنواصيهم.
كما أنها تتضمن وصف الله تعالى بصفة الرحمة وأنه الرحمن الموصولة رحمته لعباده، وأيضًا تتضمن إفراد الله تعالى بالعبادة والاستعانة وهذا يؤخذ من قول الله تعالى: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ»، أي نعبدك ولا نعبد سواك، ونستعين بك ولا نستعين بسواك.
للرقية
أيضًا تعد سورة الفاتحة من أعظم ما يقال في الرقية، كما ثبت في الصحيح أن أناسًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمروا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فلم يضيفوهم، ثم إن سيدهم - سيد أهل هذا الحي - لُدِغ، فجاؤوا إلى هؤلاء الصحب الكرام رضي الله عنهم، فقالوا لهم: هل فيكم من راق؟ قالوا: لا نَرقي إلا بجعل تجعلونه، فجاء أحد الصحابة رضي الله عنه وقرأ الفاتحة على سيدهم، قال: فقام كأنما نشط من عقال، يعني كأنما كان مربوطًا، ثم قام ليس به من بأس، ولمَّا رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكروا له ما كان منهم وأنهم أخذوا على ذلك جُعلًا، أخذوا على ذلك مكافأة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وما أدراك أنها رقية؟»، من الذي أخبرك؟ وما الذي جعلك تختار هذه السورة لترقي بها الرجل وتقرأ عليه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خذوا منهم واضربوا لي معكم بسهم».