الإعجاز القرآني، شهد له القاصي والداني، وغير المسلمين قبل المسلمين، وبالتالي لو نشرت آلاف الكتب في هذا الإعجاز ما وصل العقل البشري إلى نهاية هذا الإعجاز العظيم، (بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ الٓر ۚ كِتَٰبٌ أُحْكِمَتْ ءَايَٰتُهُۥ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ).
هذا الإعجاز ليس بشيء على واضعه، فالله هو القادر على كل شيء، الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، لذلك تحدى به أهل الأرض حتى تقوم الساعة، قال تعالى: «قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً » (الإسراء 88).
ومن الأمور البسيطة جدًا إلا أنها من المعجزات في القرآن الكريم، (الحذف والإثبات)، فترى في سورة يوسف، يقول المولى عز وجل: «قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي ۖ»، ثبتت الياء لأن الطعام هو غاية ما يريدونه ويطلبونه، فناسب ذلك كمال تمام الحرف، كمال تمام الغاية.
وأما في سورة الكهف يقول المولى عز وجل: «ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ْ»، فحذفت الياء لأن فقدان الحوت ليس هو الغاية والهدف الرئيسي، وإنما الغاية هي الالتقاء بالخضر ، فكان الفقدان وسيلة لا غاية!.. فناسب نقصان تمام الحرف، نقصان تمام الغاية ..
وبالتالي فإن الحذف والإثبات مناسبان تمامًا للمقال والمقام.
التجويد
أيضًا الحذف والإثبات يطالان التجويد، ومن ذلك مثلا: (إذا حذفت الألف في الوصل لالتقاء الساكنين، فإنها ثابتة رسمًا ووقفًا، نحو: « ذَاقَا الشَّجَرَةَ » (الأعراف: 22)، « كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ » (الكهف: 33)، « وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ » (النمل: 15)، « قُلْنَا احْمِلْ » (هود: 40).
وأيضًا إذا حذفت الواو في الوصل لالتقاء الساكنين، فإنها ثابتة رسمًا ووقفًا، نحو: « يَمْحُوا » (الرعد: 39)، « مُلَاقُو » (البقرة: 249)، أما في الحذف فهناك (الياء المحذوفة) في عدد من الآيات، ومنها قوله تعالى: «ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ » (ص: 17)،ووَمَنِ اتَّبَعَنِ » (آل عمران: 20).
ثلاثة حروف
إذن فإن الحذف والإثبات خاص بحروف المد الثلاث وهي: الألف، والواو، والياء، الواقعة طرفًا في بعض الكلمات القرآنية، وقد عد العلماء الياءات التي وقعت بعد ساكن وقد حذفت الياء منها رسمًا ولفظًا وصلاً ووقفًا وهي ثلاث عشرة كلمة في سبعة عشر موضعاً في القرآن الكريم ومنها: « ﴿يُؤْتِ﴾ من ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ» (النساء 4/146).. ﴿وَاخْشَوْنِ﴾ من ﴿فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ» (المائدة 5/44).. و ﴿نُنجِ﴾ من «حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ» (يونس 10/103).. و «بِالْوَاد» من «بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ» (طه 20/12).
اقرأ أيضا:
انفجار الماء.. من نبي الله موسي إلى محمد خاتم الأنبياء