جميعنا يحفظ آية الكرسي، لكنها تتضمن (جملة) قد تمر على كثيرين ولا يفهمها، أو لا يعي ما الغرض منها: «وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ» (البقرة 255)، والمعنى عظيم جدًا لو تأملناه قليلاً، أي أنه لا يثقله سبحانه وتعالى أبدًا ونهائيًا، حفظ السماوات والأرض ومن فيهما ومن بينهما، بل ذلك سهل عليه ويسير لديه، وهو القائم على كل نفس بما كسبت، الرقيب على جميع الأشياء فلا يعزب عنه شيء ولا يغيب عنه شيء، والأشياء كلها حقيرة بين يديه، ومن ثم فإن الله تعالى لا يشق عليه حفظ السماوات والأرضين وما فيها من الكائنات؛ بل ذلك يسير عليه جل وعلا.
العلي العظيم
ثم يختتم المولى عز وجل الآية العظيمة، بقوله (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)، وكأنه يريد الربط المباشر بأنه هو العلي الأعظم، الذي يقول للشيء كن فيكون، هو القادر والمالك والملك، هو العظيم المتعال، فكيف يقف أمامه شيء مهما كان؟!.
والمعنى أنه بالتأكيد أن خلق السموات والأرض عليه بالأمر الهين تمامًا، وذلك لأنه العلي العظيم، الذي يقهر كل شيء وينحني له كل شيء، ويخضع له كل شيء، ومن ثم فإن العلي تأتي من قول (علا يعلو علوا )، أي إذا ارتفع ، " فهو عال وعلي ".. " والعلي " ذو العلو والارتفاع على خلقه بقدرته، وكذلك قوله : " العظيم " ذو العظمة ، الذي كل شيء دونه ، فلا شيء أعظم منه أبدًا مهما كان، و عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: « العظيم » هو الذي قد كمل في عظمته وقدرته سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضا:
انفجار الماء.. من نبي الله موسي إلى محمد خاتم الأنبياءآية مرعبة للجن
هذه الآية حينما نزلت على قلب نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، قلبوا الدنيا وما فيها، وأرعبت الجن في كل مكان، فقد روي عن محمد ابن الحنفية أنه قال : لما نزلت آية الكرسي خر كل صنم في الدنيا ، وكذلك خر كل ملك في الدنيا وسقطت التيجان عن رءوسهم ، وهربت الشياطين يضرب بعضهم على بعض إلى أن أتوا إبليس فأخبروه بذلك فأمرهم أن يبحثوا عن ذلك ، فجاءوا إلى المدينة فبلغهم أن آية الكرسي قد نزلت.
كما روى الأئمة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم ؟ قال قلت : الله لا إله إلا هو الحي القيوم فضرب في صدري وقال : ليهنك العلم يا أبا المنذر، وقد زاد الترمذي الحكيم أبو عبد الله : فوالذي نفسي بيده إن لهذه الآية للسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش».