اعلم أن نجاحك في الحياة مرتبط بتعريفك للنجاح نفسه، فهناك من يكون تعريفه للنجاح بأنه فقط يعيش مستورًا، وهذا ستجده طوال الوقت في حالة رضا عجيبة، لا يشغل باله بغيره، ولا مهموم بأي شيء.. لماذا؟ لأنه يرى ستر الله عز وجل عليه في كل لحظة، في بيته وعمله وصحته، فلو مثلاً أكل (فول وطعمية) ثم تناول كوبًا من الشاي ستجده يروي لك عن نعيم ليس له مثيل يعيش فيه، وكم من النعم العظيمة التي أنعم الله عليه بها من أوسع أبوابها..
وهناك آخر تجد تعريفه للنجاح أنه يكون أفضل من فلان، أو أن يكون يملك أكثر من هذا الشخص، وهذا ستجده طوال الوقت يعيش في ضيق ولو ملك الدنيا كلها.. لماذا؟ لأنه دائمًا ما يقارن حاله بالظاهر "فقط" من أحوال الآخرين.. وطوال الوقت يشعر بالظلم، ويسيطر عليه إحساس رهيب بالغبن من العالم ومن الآخر حتى لو كان هذا الآخر أخ أو صديق أو جار أو قريب.
النجاح في الرضا
إذن، باختصار النجاح في الرضا، فمن رضي ولو بالقليل عاش ملكًا طوال حياته، إذ يكفيه أنه يعيش في أمان واستقرار.
وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: «من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا»، لذا فقد كان الصحابة الكرام رضي الله عنهم يتواصون بالرضا وتربية النفس عليه، لعلمهم بعلو منزلته.
وهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يكتب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فيقول: «أما بعد، فإن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلا فاصبر»، فيما كان من وصايا الحكيم لقمان عليه السلام لولده: «أوصيك بخصال تقربك من الله وتباعدك من سخطه: أن تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وأن ترضى بقدر الله فيما أحببت وكرهت».
حياة طيبة
النجاح يعني العيش في حياة طيبة يملؤها السعادة والرضا والطمأنينة، ولكن لكي يصل الإنسان لهذه الدرجة عليه أولا أن يكبح جماح قلبه وعقله، وأن يرضى بما قسم الله عز وجل له، حينها سيكون أغنى الناس، فمن عرف الرضا، لا يمكن أن تعرف الهموم والأكدار إلى قلبه سبيلاً، كيف وقد رضي الله عنه ورضي هو عن الله؟ إن الله عز وجل يقول: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ... ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً» (النحل 97).
ولهذا لما قال عمر بن الخطاب لزوجته عاتكة رضي الله عنهما: «والله لأسوأنك - وكان قد غضب عليها - فقالت: أتستطيع أن تصرفني عن الإسلام بعد إذ هداني الله له؟ قال: لا. قالت: فأي شيء تسؤني به إذًا؟»، كأنها تريد أن تعلمه أنها راضية كونها مسلمة وفقط، وأي سوء آخر إنما لا يهمها في شيء، وبالتأكيد هذا هو النجاح الحقيقي.
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائل