أخبار

احذر.. حرق البخور يتسبب في أمراض خطيرة

تخلص من الانتفاخ بـ 4 مكونات طبيعية

أخلاق محمد.. أفضل ما قرأته لك عن النبي الإنسان

ادع لأبنائك بهذا الدعاء يصلح أحوالهم ويهديهم

فضل الإكثار من الصلاة على النبي

متشكك في وجود الله وإيمانك ينقص.. هذه البوصلة تدلك على الحقيقة؟!

المصرية زوجة نبي وأم نبي وصارت أمّ العرب.. ماذا تعرف عن السيدة هاجر؟

إكرام الضيف من الإيمان..ما الذي يجب أن تفعله للحصول على أعلى الدرجات؟

كن من أصحابها.. لو كانت المروءة خفيفة الحمل ما تركها اللئام للكرام

"بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا".. معانٍ ومواعظ لم تسمعها من قبل

كيف يكون تسبيح الجمادات لله؟ وهل لها مشاعر مثل البشر؟ (الشعراوي يجيب)

بقلم | فريق التحرير | السبت 25 ديسمبر 2021 - 01:54 م

{وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [الرعد: 13]


يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:


وسبق أن جاء الحق سبحانه بذكر البرق وهو ضوئيّ؛ وهنا يأتي بالرعد وهو صوتيّ، ونحن نعرف أن سرعة الضوء أسرع من سرعة الصوت؛ ولذلك جاء بالبرق أولاً، ثم جاء بالرعد من بعد ذلك.

وحين يسمع أحدُ العامةِ واحداً لا يعجبه كلامه؛ يقول له " سمعت الرعد "؛ أي: يطلب له أنْ يسمع الصوت المزعج الذي يُتعِب مَنْ يسمعه. ولنا أن ننتبه أن المُزْعِجات في الكون إذا ما ذكرت مُسَبَّحة لربها فلا تنزعج منها أبداً، ولا تظن أنها نغمة نَشّازٌ في الكون، بل هي نغمة تمتزج ببقية أنغام الكون.

ونحن نفهم أن التسبيح للعاقل القادر على الكلام، ولكن هذا عند الإنسان؛ لأن الذي خلق الكائنات كلها علَّمها كيف تتفاهم، مثلما عَلَّم الإنسان كيف يتفاهم مع بني جنسه؛ وكذلك عَلَّم كل جنس لغته.

وكلنا نقرأ في القرآن ماذا قالت النملة حين رأتْ جنودَ سليمان: { ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } [النمل: 18]

وقد سمعها سليمان عليه السلام؛ لأن الله علَّمه مَنْطِق تلك اللغات، ونحن نعلم أن الحق سبحانه عَلَّم سليمان منطق الطير، قال تعالى:{ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ٱلطَّيْرِ... } [النمل: 16]

ألم يتخاطب سليمان عليه السلام مع الهدهد وتكلَّم معه؟ بعد أن فَكَّ سليمان بتعليم الله له شَفْرة حديث الهدهد؛ وقال الهدهد لسليمان: { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ * إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } [النمل: 22-23]

سليمان والتحدث إلى الطير 


إذن: فكُلُّ شيء له لغة يتفاهم بها لقضاء مصالحه، ومَنْ يفيض الله عليه من أسرار خَلْقه يُسْمِعه هذه اللغات، وقد فاض الحقُّ سبحانه على سليمان بذلك، ففهم لغةَ الطير وتكلَّم بها مع الهدهد؛ وقال له: { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } [النمل: 28]

وهكذا عرفنا بقصة سليمان وبلقيس؛ وكيف فَهم سليمان مَنْطِق الطير وتكلَّم بها مع الهدهد؟ وهكذا عَلِمنا كيف يتعلَّم الإنسان لغاتٍ متعددةً؛ فحين يذهب إنسان إلى مجتمع آخر ويبقى به مُدَّة؛ فهو يتعلم لغة ذلك المجتمع، ويمكن للإنسان أن يتعلم أكثر من لغة.

وقد عرض الحق سبحانه مسألة وجود لغاتٍ للكائنات في قصة النملة وقصة الهدهد مع سليمان؛ وهما من المرتبة التالية للبشر، ويعرض الحق سبحانه أيضاً قضية وجود لغة لكل كائن من مخلوقاته في قوله: { ...وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } [الأنبياء: 79]

وكأن الجبال تفهم تسبيح داود وتُردِّده من خلفه. أيضاً يقول الحق سبحانه: { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ * وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } [ص: 18-19]

وكذلك يخاطب الله الأرض والسماء، فيقول: { فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ ٱئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً... } [ فصلت: 11] فيمتثلان لأمره: { ...قَالَتَآ أَتَيْنَا طَآئِعِينَ } [فصلت: 11] وهكذا نعلم أن لكل جنس لغةً يتفاهم بها، ونحن نلحظ أن لكل نوع من الحيوانات صَوْتاً يختلف من نوع إلى آخر، ويدرس العلماء الآن لُغةَ الأسماك، ويحاولون أنْ يضعوا لها مُعْجماً.

لغة الكائنات 


إذن: فساعة تسمع: { تُسَبِّحُ لَهُ ٱلسَّمَاوَاتُ ٱلسَّبْعُ وَٱلأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ... } [الإسراء: 44] فافهم أن ما من كائن إلا وله لغة، وهو يُسبِّح بها الخالق الأكرم.

ثم يقول تعالى: { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ... } [الإسراء: 44] مثلما لا يفقه جاهل بالإنجليزية لغة الإنجليز. وقال البعض: إن المُرَاد هنا هو تسبيح الدلالة على الخالق؛ وقد حكم سبحانه بأننا لا نستطيع فَهْم تسبيح الدلالة.

ولكني أقول: إن العلم المعاصر قد توصَّل إلى دراسة لغات الكائنات وأثبتها؛ وعلى ذلك يكون التسبيح من الكائنات بالنطق والتفاهم بين مُتكلِّم وسامع، بل ولتلك الكائنات عواطف أيضاً.

ونحن نرى العلماء في عصرنا يدرسون عواطف الشجر تجاه مَنْ يسقيه من البشر، وهنا تجربة تتحدث عن قياس العلماء لذبذبة النبات أثناء رَيِّه بواسطة مُزارِع مسئول عنه؛ ثم مات للرجل؛ فقاسوا ذبذبة تلك النباتات؛ فوجدوها ذبذبة مضطربة؛ وكأن تلك النباتات قد حزنتْ على مَنْ كان يعتني بها؛ وهكذا توصَّل العلماء إلى معرفة أن النباتات لها عواطف.

اقرأ أيضا:

المصرية زوجة نبي وأم نبي وصارت أمّ العرب.. ماذا تعرف عن السيدة هاجر؟

مشاعر الجمادات 


وقد بين لنا الحق سبحانه أن الجمادات لها أيضاً عواطف؛ بدليل قوله عن قوم فرعون: { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ... } [الدخان: 29]

فالسماء والأرض قد استراحتا لذهاب هؤلاء الأشرار عن الأرض، فالسماوات والأرض ملتزمتان مع الكون التزاماً لا تخرج به عن مُرادات الله، وحين يأتي كافر ليصنع بكفره نشازاً مع الكون؛ فهي تفرح عند اختفائه ولا تحزن عليه.

ومادامت السماء والأرض لا تبكيان على الكافر عند رحيله؛ فلابد أنها تفرحان عند هذا الرحيل؛ ولابد أنهما تبكيان عند رحيل المؤمن.

ولذلك نجد قَوْل الإمام علي كرم الله وجهه: إذا مات ابن آدم بكى عليه موضعان؛ موضع في السماء، وموضع في الأرض؛ وأما موضعه في الأرض فَموضِع مُصَلاَّه؛ وأما موضعه في السماء فَمصَعدُ عمله ".

وهكذا نجد أن معنى قول الحق سبحانه: { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ... } [الرعد: 13]

أي: يُنزِّه الرعد ويُمجِّد اسم الحق ـ تبارك وتعالى ـ تسبيحاً مصحوباً بالحمد.

ونحن حين نُنزِّه ذات الله عن أن تكون مثل بقية الذوات، وحين ننزه فِعْل الله عن أن يكون كأفعال غيره سبحانه، وحين ننزه صفات الله عن أن تكون كالصفات، فلابد أن يكون ذلك مصحوباً بالحمد له سبحانه؛ لأنه مُنزَّه عن كل تلك الأغيار، وعلينا أنْ نُسَرَّ من أنه مُنزَّه.

ويقول تعالى: { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ... } [الرعد: 13] ولقائل أنْ يتساءل: كيف تخاف الملائكة من الله؟ وهم الذين قال فيهم الحق سبحانه: { ...لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } [التحريم: 6]

وأقول: إن الملائكة يخافون الله خِيفة المَهابة، وخيفة الجلال.ونحن نرى في حياتنا مَنْ يحب رئيسه أو قائده؛ فيكون خوفه مَهَابة؛ فما بالنا بالحق سبحانه وتعالى الذي تُحبه ملائكته وتَهاب جلاله وكماله، صحيح أن الملائكة مقهورون، لكنهم يخافون ربَّهم من فوقهم.

وساعة تسمع الملائكةُ الرعدَ فهم لا يخافون على أنفسهم؛ ولكنهم يخافون على الناس؛ لأنهم حفظة عليهم؛ فالملائكة تعي مهمتها كحفظة على البشر؛ وتخشى أن يربكهم أيُّ أمر؛ وهم يستغفرون لِمَنْ في الأرض.

إذن: فقوله: { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ... } [الرعد: 13] يُبيِّن لنا أن الملائكة تخاف على البشر من الرعد؛ فَهُمْ مُكلَّفون بحمايتهم، مع خوفهم من الله مهابة وإجلالاً.

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: " ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: الله أعط منفقاً خلفاً. ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً ".

وقد يظُنُّ ظَانٌّ أن هذه دعوة ضد المُمْسِك؛ ولكني أقول: لماذا لا تأخذها على أنها دعوة خَيْر؟ فالمُنفِق قد أخذ ثواباً على ما أدَّى من حسنات؛ أما المُمْسِك فحين يبتليه الله بتلفِ بعضٍ من ماله؛ ويصبر على ذلك؛ فهو يأخذ جزاء الصبر.

إرسال الصواعق 


ويتابع سبحانه في نفس الآية: {...وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } [الرعد: 13]

ولابُدَّ من وجود حَدَثٍ أليم في الكون لينتبه هؤلاء الناس من غفلتهم؛ وها هو ذا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقد جاءه اثنان من المعاندين الكبار أربد بن ربيعة؛ أخو لبيد بن ربيعة، وعامر بن الطُّفَيْل؛ لِيُجادلاه بهدف التلكُّؤ والبحث عن هَفْوة فيما يقوله أو عَجْزٍ في معرفته، والمثل ما قاله مجادلون مثلهم، وأورده القرآن الكريم:{ ...أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ } [المؤمنون: 82]

وكذلك استعجال بعض من المجادلين للعذاب. وجاء هذان الاثنان وقالا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل ربنا مصنوع من الحديد أم من النحاس؟ وهما قد قالا ذلك لأنهما من عَبَدة الأصنام المصنوعة من الحجارة، والأقوى من الحجارة هو الحديد أو النحاس؛ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فنزلت صاعقة؛ فأحرقتهما.

وإرسال الصواعق هنا آية قرآنية، ولابد وأن تأتي آية كونية تصدقها؛ وقد حدثت تلك الآية الكونية.

ويقول الحق سبحانه: { وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ... } [الرعد: 13] والجدال في الله أنواع متعددة؛ جدال في ذاته؛ وجدال في صفاته، أو جدال في الحسنة والسيئة، وقد جادلوا أيضاً في إنزال آية مادية عليه؛ لأنهم لم يكتفوا بالقرآن كآية؛ على الرغم من أن القرآن آية معجزة ومن جنس ما برعوا فيه، وهو اللغة.

وقد جادلوا أيضاً في الرعد؛ وقالوا: إن الرعد ليس له عَقْل لِيُسبح؛ والملائكة لا تكليفَ لها؛ فكيف تُسبِّح؟ ولكن الحق سبحانه قال: إنه قادر على أن يُرسِل الصواعق ويصيب بها مَنْ يشاء؛ فيأتي بالخير لِمَنْ يشاء؛ ويصيب بالضر مَنْ يشاء.فهل هُمْ يملكون كل الوقت لهذا الجدل؛ بعد أن خلق كل هذا الكون؟



الكلمات المفتاحية

إرسال الصواعق مشاعر الجمادات سليمان والتحدث إلى الطير وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ الشيخ محمد متولي الشعراوي

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ