يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا» (الكهف 82)، يبدو من المعنى المباشر أن الأب هنا بمعنى الأب المباشر، بينما أهل العلم يؤكدون أن المقصود من هذا الأب هو الجد السابع، غير أن صلاحه عاد على ذريته بالنفع على حفيده السابع.
وهو ما يتفق مع المثل الشعبي القائل (العرق يمد لسابع جد)، إذن الوراثة من الأب أو من الجد من الأهمية بمكان لتغير حال الناس من أفضل لأسوأ أو العكس، لذلك كانت وصية نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم لنا عند النسب، إذ قال: «تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس»، وهو ما أثبته علم الوراثة الحديث أن الطفل يكتسب صفات أبويه الخلقية والعضوية والعقلية.
المحافظة على النسل
لكي نحافظ على النسل، علينا أولاً حسن الاختيار، لأن العامل الوراثي شديد جدًا، وتأثيره قد يظهر ولو بعد عشرات السنين، وهنا تظهر الحكمة العلمية فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنكحوا القرابة فإن الولد يخلق ضاوياً»، وضاوياً، أي نحيفا ضعيف الجسم والعقل.
وهذا ما أثبته علم الوراثة كذلك من أن الزواج بالقرابة يجعل النسل ضعيفاً بدنيًا وعقليًا، أو ما نسميه هذه الأيام بـ(زواج الأقارب)، إذ ترى ابن العم يتزوج من ابنة عمه فيأتي الولد مصابًا بأمراض عدة نتيجة وراثية، وهذه العوامل الوراثية احتار فيها الطب، لدرجة أنه ليس هناك علاج لها، فالأمراض الوراثية النادرة في المجتمع يكون احتمال ظهورها في الزوجين البعيدي النسب لا يزيد على واحد فى الألف، فى حين يرتفع احتمال ظهور تلك الأمراض الوراثية النادرة إلى 35 في المائة عندما يكون الزوجان أولاد عم أو خال أو عمة أو خالة.
اقرأ أيضا:
بشريات كثيرة لمن مات له طفل صغير.. تعرف عليهانزعة عرق
أيضًا قد يعود الشبه للابن إلى جده وليس الجد القريب بل البعيد، (السابع مثلًا)، كما حدث لرجل من قبيلة بنى فرازة، الذى جاءته امرأته بغلام أسود وهو أبيض الخلقة، فأنكره، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم، يسأله، هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: فما ألوانها ؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق - أي أسمر وما كان لونه كلون الرماد-، قال: إن فيها لورقا، قال: فأنى أتاها ذلك، قال الرجل: عسى أن يكون نزعة عرق.. وهكذا اقتنع الفرازى بأن ابنه الأسود نزعة عرق من أجداد له.
إذن التأثير يكون في الخلق والخلقة، وبالتالي على كل مسلم ومسلمة أن يحسن الاختيار حتى يأتي الولد سليما معافى بدنيا وعقليا وخلقيًا.