سرد القرآن الكريم، قصة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام، والتي تضمنت كيف أنه تحايل على الكافرين، فهل يعد ذلك كذبًا؟.
عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «لم يكذب إبراهيم النبي عليه السلام، قط إلا ثلاث كذبات، ثنتين في ذات الله، قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وواحدة في شأن سارة».
يوضح أهل العلم أن هذا الحديث يفهم منه أن نبي الله إبراهيم عليه السلام، أراد أن يبين للكافرين مدى سذاجتهم وضعف بصيرتهم فلجأ إلى هذه الإجابات، ومن ثم فقد أثبت أنه صادق ولكن بطريقة غير مباشرة ، أو كان صدقه قضية تحمل معها دليلها.
حقيقة الرد
أما الأولى فكانت حينما أجابهم نبي الله إبراهيم عليه السلام بأن الذي كسر الأصنام هو كبيرهم، فرجعوا إلى أنفسهم يتهمونها بالغباء، قال تعالى: «قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ 63 فَرَجَعُوا إِلَىٰ أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ 64 ثُمَّ نُكِسُوا عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَٰؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ» (سورة الأنبياء)، فكأنه كان يريد أن يعري زيفهم وخداعهم بأنهم يعتقدون في أصنام لا تضر ولا تنفع، بل لا تنطق، وحتى لا تستطيع الدفاع عن نفسها.
ثم الثانية في قوله (إني سقيم)، فأنه كان بالفعل سقيمًا، ومرضه نفسى، وذلك من تماديهم فى الباطل على الرغم من قوة الحجة، فقد أوهمهم إبراهيم أنه سقيم الجسم على ما كانوا يعتقدون من تأثير الكواكب فى الأجسام وهو فى الوقت نفسه سقيم النفس.
اقرأ أيضا:
انفجار الماء.. من نبي الله موسي إلى محمد خاتم الأنبياءزوجته سارة
أما في الثالثة، فهي التي تخص زوجته سارة حينما قال لها، أن تقول إنها أخته في الدين، وذلك ليخلصها من ظلم الجبار، إذ يروى أنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس، فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلبني عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختى، فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار أتاه فقال له: لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغى لها أن تكون إلا لك. فأرسل إليها فأتى بها، فقام إبراهيم عليه السلام إلى الصلاة، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها، فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها: ادعى الله أن يطلق يدى ولا أضرك ففلعت فعاد ثلاث مرات، وفي الأخيرة، قال لحارسه: إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي وأعطها "هاجر"، فأقبلت تمشى فلما رآها إبراهيم عليه السلام انصرف، فقال لها "مَهيم" ؟ قالت: "خيرًا ، كف الله يد الفاجر وأخدم خادمًا".