من العجيب في هذا الزمان تبديل أخلاق الناس من حال إلى حال، فقد تغيرت أخلاق الناس بشكل يختلف عما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: " اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن"، إلا أن بعض الناس يعملون بعكس ما جاء به الحديث، فيتبعون الحسنة السيئة ويخالقون الناس بخلق سيئ.

فربما تجد منا من يتصدق ويزكي ويفعل الخير من إطعام الفقراء والمساكين، ثم يقوم بسبهم وإذلالهم، والافتراء عليهم، وربما تجد من يصوم ويصلي بالنهار، ثم يذهب ليلا للسهر في الكافيهات الراقصة وممارسة الزنا، وربما تجد من يحج، وبعدما يرجع من الحج يسب الدين، ويمارس أشد أنواع المعصية، واتباع الحسنة السيئة من محبطات الأعمال التي حذر منها ربنا سبحانه وتعالى: " وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا".

ومن أشد ما يجب أن ينتبه إليه الإنسان أن يتحول عن الخير الذي يقوم به بين الناس إلى الشر، ويمشي فيهم بمعصية الله دون أن يدري، فيصبح من شرار الناس الذين تقوم الساعة عليهم.

ومن صفات شرار الناس الذين حذر منهم النبي ومن أفعالهم هي:

1-انتشار الجهل وقلة العلم:

2-انتشار الزني

3-استحلال الخمر والمخدرات وانتشارها:

4-انتشار القتل وسهولة الدم:

5-انتشار الأشر والبطر والتكاثر :

وشرار الناس أخر الزمان، قال عنهم النبي ((أن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم احياء والذين يتخذون القبور مساجد)).

سمى شرار الخلق بهذا الاسم حيث أنهم يقومون بفعل العديد من الأشياء التي تؤدي بهم إلى النار حيث أنهم يفعلون أفعال الكفر.

ويقول الرسول : "يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير أو ايمان إلا قبضته. حتى وإن احدكم دخل في كبد جبل لدخلته عليه حتى تقبضه. وقال حتى يبقى شرار الناس".

فالخير دائمًا متقدم على الشرِّ، وذلك منهج ثابت يتفق مع طبيعة الإسلام باعتباره دين الإنسانية، فصورة الإنسان في نظر الإسلام - صورة خيِّرة - ونظرة الإسلام إلى الإنسان أنه خير بطبعه وجبلَّتِه وما خلق عليه، بدلالة قوله تعالى:﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].

والشرُّ عنصرٌ طارئ عليه، دخيل على حياته وأفعاله، لم يُخلق به؛ بدلالة قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ ﴾ [التين: 5]؛ أي: نتيجة لخطئه وزلَـلِه وسوء أفعاله رددْناه إلى أسفل سافلين، بعد أن كنا قد خلقناه في أحسن تقويم، وهكذا يؤكِّد القرآن الكريم - أن الإنسان خُلق صالحًا قابلاً للخير قادرًا على إتيانه والسير في طريقه، فإذا سقط في هوّة المعصيَة والآثام، فلأنه لم يُقاوِم الغَواية التي أتته من خارج نفسه، من خارج ذاته، لذلك أمر بأن يتحصَّن أمامها بالإيمان أو بالتقوى والعمل الصالح ليَعصماه من التردِّي فيها.

اقرأ أيضا:

كل الأخطاء مغفورة عند الله.. إلا هذا الذنب

 خالق الناس بخلق حسن

من فضائل المعروف الاستمرار عليه وتثبيته بالخلق الحسن فالأخلاق الحميدة من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به وإنما أفرده النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر للحاجة إلى بيانه فإن كثيرا من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده لذلك يقصر كثير من الصالحين في حقوق الخلق أو يهملونها بالكلية لاشتغالهم بحقوق الله فجمع النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ في وصيته بين حق الله وحق عباده.

 وقد دلت آيات القرآن على فضل حسن الخلق والأمر به كما قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً). وقال تعالى: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاس).

وجماع حسن الخلق بذل الندى وكف الأذى كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البر حسن الخلق). رواه مسلم.

 ولحسن الخلق أنواع كثيرة تعود إلى معناه منها: التواضع والجود والحلم والأناة والرفق والوفاء والصدق والنصيحة وأداء الأمانة والستر والإصلاح والرحمة وبر الوالدين والصلة والشجاعة والإيثار والعفو والبشر وطيب الكلام والعدل.

ولحسن الخلق فوائد جمة ومزايا عظيمة هي دخول الجنة وتثقيل ميزان العبد وكمال الإيمان وقرب المجلس من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبلوغ منزلة رفيعة في الدين وزيادة العمر وبسط الرزق وكشف الكرب واندفاع النقم وكسب محبة الخلق في الدنيا.