سبحان الله «المصور» من خلق العباد وصورهم فأحسن تصويرهم على أحسن ما يكون، أطلق على نفسه اسم، ما كان من البشر يعلمه إلا خلال القرن الماضي فقط، وهو عالم التصوير، وكأنه سبحانه وتعالى أراد أمرين، الأول: إنه يؤسس ويسجل ويؤرخ لكل ما يريده سبحانه، والثاني: أنه يبين لخلقه أنه سبحانه سبق البشرية بملايين السنين في تصوير الأمور والأشياء، وربما عملية الخلق.. لكن قد لا يفهم ذلك أو يعيه إلا من تدبر في معنى الاسم جيدًا.
الله سبحانه وتعالى هو الذي يصور المادة كيف يشاء، فنرى الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان، وقد خلق الأكوان، وقد خلق الجماد، وقد خلق النبات وقد خلق الحيوان على أصناف شتى، والآن ترى علماء الطبيعة يدرسونها وإذ بهم أمام صور شتى لخلق الله سبحانه وتعالى، وهو ما يؤكد قوله تعالى: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ».
معنى عظيم
لو تأملنا اسم الله المصور جيدًا، لوجدنا أنه الذي خلق خلقه كيف شاء، وصور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة مفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها، وصور كل صورة على شكل ومثال لا مثيل له على الإطلاق، فليس هناك إنسان شبه الآخر، أو حيوان يشبه حيوان من نوع آخر، أو نبات يشبه نوع آخر من النباتات، وهو إعجاز لاشك لا يمكن تقديره أبدًا، مهما تحدثنا عنه، لأن إعجاز الله في الخلق أكبر من كل تقدير وتقييم.
لذلك قد يكون جاء اسم الله المصور ليؤكد لنا أنه وحده القادر على تأريخ ما خلق منذ النشأة حتى تقوم الساعة، فالمصور سبحانه هو الذي صور المخلوقات بشتى أنواع الصور والهيئات الجلية والخفية والحسية والعقلية، فلا يتماثل جنسان أو يتساوى نوعان، بل لا يتساوى فردان، فلكل صورته وهيئته ويميزه عن غيره.
اقرأ أيضا:
الامتحان الأصعب.. 3 أسئلة تحصل علمها في الدنيا لتجيب عنها في القبرعظمة الخلق
المصور، هو الاسم الذي يحمل في طياته معنى عظمة عملية الخلق، وهو أيضًا سبحانه وتعالى معطي كل مخلوق صورته على ما اقتضت مشيئته وحكمته، وهو الذي صور الناس في الأرحام أطوارا ونوعهم أشكالا، كما قال تعالى: «وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ» (الأعراف:11).
والله عز وجل كما صور الأبدان فتعددت وتنوعت، نوع أيضا في الأخلاق فتعددت صور الطباع والسلوك والمواهب والأفكار، قال تعالى: «خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ» (التغابن: 3)، أي أنه خلقكم في أحسن الأشكال، ومنحكم أكمل الصور في أحسن تقويم.