انظروا كيف تحدى الله، خصمه الكافر بأمر في اختياره، وأعلن هذا التحدي، ومع ذلك ظل غباء المتحدي ولم يقل كلمة الإيمان ولو نفاقًا، لو أن هؤلاء الذين قال الله عنهم إنهم كفروا، إنذارك وعدمه يستويان عندهم ثم آمنوا، ماذا سيكون موقف الدعوة من رسول الله؟، هذا سبق أن قلناه في قول الله سبحانه {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5) } [سورة المسد]
هذا عم رسول الله يحكم الله بأنه سيصلى نارًا ذات لهب، وامرأته ستصلى نارًا ذات لهب، معنى حكم ربنا أنهما سيموتان كافرين، أما كان لدى أبي لهب رشد وعقل ويقف في نادي قريش ويقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإذا ما صدق الناس أنه آمن، ثم يأتي من ورائه، ويقول: محمد قال إنني سأصلى نارًا ذات لهب، وأنا آمنت والحمد لله، هذا الكلام كلام فارغ، يعلم بالتحدي والتحدي قرآن يتلى، ومع إن هناك كفارًا كثيرين آمنوا، أكان يؤمن محمد أن واحدًا من هؤلاء يؤمن كما آمن عمرو بن العاص، يؤمن كما آمن خالد بن الوليد، يؤمن كما آمن عمر بن الخطاب، يؤمن كما آمن أبو سفيان، فيهز هذه المسألة هزًا.. لا إن الذي أخبر يعلم أن هذه المسألة لن تطرأ على أذهانهم أبدًا، ولن يفهموا أنهم يستطيعون أن يكذبوا القرآن ويكذبوا محمدًا بأن يقولوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، ولو نفاقًا.
إذن فقول الحق: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 6]، وضع للبنة جديدة من لبنات القرآن الذي أنزل على محمد وأن الناس مهما بلغوا من اختياراتهم في الأفعال، فلن يختاروا أبدًا شيئًا يناقض قول الله فيهم، وهو قرآن يتلى ويسجل ويكتب، ومحمد صلى الله عليه وسلم يعلنها على الناس جميعًا.
اقرأ أيضا:
راحيل بنت لابان .. أم سيدنا يوسف ..ولماذا غاب ذكرها عن أحسن القصص في القرآن الكريم؟