أخبار

أطعمة "خارقة" تجنبك أمراض القلب.. تعرف عليها

دراسة: تنظيف الأسنان يوميًا يحميك من خطر السرطان

أبو بكر "قلب الأمة الأكبر" بعد النبي و" أمير الشاكرين"

وقفة مع النفس.. كل العالم بداخلك وأنت غافل عنه

ديونك كثيرة ولا تستطيع السداد.. الزم هذه الأذكار تستجلب معونة الله لك

ما هي أخطر الأمراض التي تصيب الإنسان؟.. تعرف على الإجابة من القرآن

الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.. فضائل وأسرار

خطيبي يهددني بفيديو فاضح يسلمه لأهلي إن لم أستجب لطلباته المتجاوزة.. ماذا أفعل؟

لماذا أصاب الله المسلمين بالذل وهم خير أمة؟.. القرآن يجيب

حكم تقبيل قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبور الصالحين؟

سيف الدين قطز.. وتاريخ حافل بالبطولات

بقلم | محمد جمال حليم | السبت 06 نوفمبر 2021 - 06:40 م

يبين الداعية الإسلامي د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أنه لم تكد جحافل الصليبيين تنحسر عن الشرق الإسلامي حتى نكب العالم الإسلامي بمحنة أخرى أشد وأقسى .. إنها محنة الغزو الكاسح المدمر الذي شنه التتار القادمون من بلاد منغوليا شمال شرق آسيا، ففي سنة (616هـ) استولى المغول على مدينة بخارى، وفي العام التالي استولوا على سمرقند ، وأخضعوا سائر بلاد ما وراء النهر التي كانت تشكل قسماً من الدولة الخوارزمية ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، فقد توغلت قوات المغول في بلاد خراسان واستطاعت أن تسيطر على كل مَنْ بلخ ومرو ونيسابور.

ويضيف في مقال له عن "قطز" جاء تحت عنوان: " سيف الدين قطز.. بطل عين جالوت" أن العالم الإسلامي كان في ذلك الوقت – بعد موجة صلاح الدين التوحيدية – قد انقسم على نفسه ، وعاد سيرته الأولى حتى داخل البيت الأيوبي ، فسادته صور مريرة من الصراع والإقطاعات المتنافسة التي كانت تسمى (الإمارات) وغابت روح الإسلام الموحدة ، وحلت نعرات عنصرية وعشائرية مكانها.

الخطرالصليبي:

ويوضح أنه بالمنهج نفسه الذي حاول به بعضهم مقاومة الخطر الصليبي – في المرحلة الأولى – ولم ينجحوا ... إنه منهج الأحلاف الصغيرة الوقتية في مواجهة القوى الكبيرة الشرسة ، بهذا المنهج جرت بعض المحاولات لمقاومة الخطر التتري، فقد سجل التاريخ لبدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل أنه وقف إلى جانب مظفر الدين ، صاحب إربل ، وقفة مشرفة ، وتضامن معه في مواجهة الخطر المغولي، كما سجل التاريخ – كذلك – أن صاحب حلب قرر الاتفاق مع الخوارزمية وصاحب ماردين ، على أن تعطى رأس العين لصاحب ماردين ، وتعطي نصيبين للخوارزمية ، ويتحد الجميع في مواجهة المغول ، ولكن المحاولة فشلت بهزيمة الخوارزمية أمام التتار وتركهم نصيبين.

ويستطرد: لكن سائر هذه المحاولات قد فشلت ذريعاً لأنها مجرد أحلاف سريعة غير منسجمة ولا راسخة ، وفي ظل هذا استطاع المغول – بعد أن قضوا على ما وراء النهر وخراسان وأذربيجان وطبرستان والري وهمذان – أن يقضوا على دولة السلاجقة في آسيا الصغرى وأرمينية ، ولم يلبثوا إلا قليلاً حتى زحفوا على عاصمة الخلافة العباسية بغداد ، وأسقطوها بعد مقاومة لا تذكر ، وأنهوا خلافة العباسيين في العراق سنة 656هـ ، وسفكوا الدماء بطريقة وحشية لم تحدث في تاريخ الحروب من قبل ، وزحفوا من بغداد إلى الشام التي كانت تحت سيطرة الزعيم الأيوبي الضعيف الملك الناصر، فاستولوا على حلب وحماة ودمشق بسهولة ويسر. وبحكم المسيرة الطبيعية كان لابد أن يسير التتار من الشام متوجهين نحو مصر ليذيقوها الدمار الذي أذاقوه لبقية بلاد المسلمين، والمماليك كانوا دائماً أهل طعان ونزال ... كانوا أشقاء للسيف، والرمح هو هويتهم للحياة والبقاء ... وعلى امتداد تاريخهم كان السيف مقروناً بهم ، وكانوا عضد الدولة الإسلامية في كثير من المواقف، وكانوا حماتها من أعدائها، وفي مقابل ذلك عاشوا ... وتحملتهم شعوب مصر والشام ، وسمحت لهم بالسيطرة عليها... وهم بدورهم كانوا جيشها وأسطولها وحماتها أمام كل غزو خارجي ، وكانوا يخضعون لتقاليد البلاد ، ولا يعرفون لهم ولاء إلا للدين الذي عاشوا به وربوا على تعاليمه ، وإلا للسلطان الذي يحكم 

ويبن د. عويس أنهم  هم قد شكلوا مجتمعاً ذا هوية خاصة، له أسلوبه الخاص في الحياة ، ولـه تربيته الخاصة، ولـه فكره الخاص .. لقد كان مجتمعهم أشبه ما يكون بالمجتمع العسكري ، أو المجتمع البحري الذي يعيش للبحر أو الجندية ، فالنجدية عقله وهي عاطفته ... ولا ولاء عنده لسواها، وعندما مات فجأة آخر سلاطين الأيوبيين الملك (الصالح أيوب) ... تكتمت زوجه شجرة الدر الخبر ؛ لأن بلاد مصر كانت في حرب مع (لويس التاسع)؛ الذي هزم وأبيد جيشه في دمياط والمنصورة ، ثم استدعت الزوجة الملكة ابن زوجها "توران شاه" لينقذ البلاد ، فلما جاء توران وأنقذ البلاد من الصليبيين ، وحاول أن يستأثر بالسلطة دبرت المرأة قتله ... ثم أقامت نفسها بمساعدة المماليك ملكة على مصر ، وقد اختار المماليك كبيرهم (عز الدين أيبك) ليقوم بمساعدة "المملوكة" التي صارت "ملكة" (شجرة الدر) في إدارة شئون مصر ، وتطور الأمر فتزوجت شجرة الدر من مساعدها (عز الدين) ، وتنازلت له عن السلطة.

المماليك  ... حكام مصر والشام : 

وهكذا تم تنازل آخر من ينتسبون إلى دولة الأيوبيين بنسب إلى كبير المماليك ، ومع أن شجرة الدر تعتبر البداية التاريخية لدولة المماليك؛ لكن البداية الأكثر عمقاً وأحقية؛ هي التي مثلها هذا التنازل ، ثم استأثر (عز الدين أيبك) بالسلطة سبع سنوات؛ أحست فيه المملوكة القاتلة بأنها سلبت كل سلطة ، فقامت بقتل زوجها الجديد ، مثلما قتلت من قبل ابن زوجها القديم.

لكن المماليك سرعان ما قتلوها ثأراً وانتقاماً ... واستقر الأمر لدولة المماليك في مصر والشام.

والمماليك قسمان : (برجية) نسبة إلى أبراج القلعة ؛ التي كانوا يسكنون فيها بالقاهرة ... و(بحرية) نسبة إلى جزيرة الروضة المطلة على النيل ؛ التي كانوا يسكنون فيها كذلك، ومن أشهر المماليك الأول (برقوق) ... وآخرهم (قانصوه الغوري)؛ الذي سقط تحت سنابك خيل السلطان سليم سنة (1517م)، ومن أشهر المماليك (عز الدين أيبك ، وبيبرس ، والمنصور قلاوون)  ... وقد انتهى هؤلاء قبل المماليك البرجية بحوالي قرنين، وكان المماليك البرجية ـ أبطال عين جالوت ـ يمثلون امتدادهم التاريخي، لقد لعب المماليك البرجية بخاصة في تاريخنا دوراً لم تقم به إلا دول قليلة في التاريخ ... لقد صدوا غارتين حضاريتين من أكبر وأشهر الغارات التي عرفها تاريخنا ، وتاريخ الإنساني، كانت الأولى يمثلها زحف هولاكو ؛  الذي ينتمون إليه جنسياً ، لقد صدوه بعقيدتهم الإسلامية، التي لم يعد لهم ولاء إلا لها (الحمد لله أن نظرية القومية العنصرية لم تكن ظهرت بعد) ، وقد وقفوا أروع وقفاتهم في صده في (عين جالوت) الشهيرة رافعين راية واإسلاماه !!

 ويضيف:  ثم كانت الثانية في معاركهم الدائمة ضد الصليبيين ؛ الذين كانت لهم بقايا بعد صلاح الدين، فعلى يد السلطانين (المنصور قلاوون) ؛ الذي تسلم الحكم سنة (678هـ) والسلطان (الأشرف خليل) ـ الذي تولى الحكم سنة (689هـ) ... على يد هذين السلطانيين ـ فضلاً عن جهود بيبرس، تهاوت قلاع الصليبيين الباقية؛ والتي كانوا قد تقدموا في بعضها بعد (صلاح الدين) كحصن المرقب وعكا ، وغيرها ، وطويت على يد المماليك آخر صفحات الغزو الصليبي؛ الذي استمر قرنين من الزمان، وكان ذلك سنة(960هـ).

البطل  ... سيف الدين قطز : 

وأضاف: لقد كان أمير مصر المملوكية المظفر سيف الدين قطز، قد أدرك أن التتار سيهاجمون مصر بالضرورة ، وقد صدق إدراكه فلم يلبث أن جاءته رسالة من هولاكو .. نقتطف منها ما يلي: "من ملك الملوك شرقاً وغرباً القان الأعظم . باسمك اللهم باسط الأرض ورافع السماء . يعلم الملك المظفر قطز الذي هو من جنس المماليك الذين هربوا من سيوفنا إلى هذا الإقليم يتنعمون بأنعامه ويقتلون من كان بسلطانه بعد ذلك يعلم الملك المظفر قطز وسائر أمراء دولته وأهل مملكته بالديار المصرية وما حولها من الأعمال أنا نحن جند الله ، خلقنا من سخطه ، وسلطنا على من حل به غضبه فلكم بجميع البلاد معتبر وعن عزمنا مزدجر ، فاتعظوا بغيركم ، وأسلموا إلينا أمركم قبل أن ينكشف الغطاء فتندموا ويعود عليكم الخطأ، فنحن ما نرحم مَنْ بكى ولا نرق لمن شكا ، وقد سمعتم أننا قد فتحنا البلاد وطهرنا الأرض من الفساد وقتلنا معظم العباد  (المقريزي : السلوك ج1، ق2/427 ـ429).

ويوضح  د. عويس أن الأجناد كانت بحاجة إلى الكثير من الأموال في طور الإعداد والتجهيز للمعركة ، ولذلك فإن (قطز) ـ رحمه الله ـ فكر في فرض بعض الضرائب والأتاوات على الناس بغرض الإعداد للجهاد ، ولكن سلطان العلماء الشيخ (العز بن عبد السلام) ـ رحمه الله ـ قال له : "لابد أن تدفع أنت وجميع الأمراء والمماليك جميع ما تملكون من ذهب وغيره ، فإذا لم تكف هذه الأموال دعونا الناس إلى الجهاد بأموالهم ، أما أن يدفع الناس أموالهم وأنتم تكنزون الذهب والفضة؟ !! فلابد أن تضربوا للناس المثل الأعلى" . ولقيت كلمات (العز بن
 عبد السلام) الناصحة أذناً صاغية عند السلطان (قطز) فبدأ بنفسه وأخرج ما لديه من الأموال والكنوز قبل أن يطلب من الناس المساعدة بأموالهم لقتال المغول ، كما بادر كثير من الأمراء إلى الاقتداء به، كان تجمع معسكر الجيش المصري المسلم في نواحي غزة ، وقد أكمل المسلمون استعدادهم، وتوجهوا لمكان المعركة عن طريق الساحل مروراً ببعض الأراضي الصليبية ؛ التي كانت خالية من المدافعين عنها، وقد وصل المسلمون إلى منطقة (عين جالوت) ، وكان بعض الأمراء مترددين في قتال المغول فقال : أنا ألقي التتار بنفسي ، فتشجع أمراء المماليك وبقية القوات ، وقد جعل (قطز) طليعة من الجند بقيادة (ركن الدين بيبرس)، تتقدم المسلمين ، وتستطلع أخبار العدو، فلقي طليعة التتار بالقرب من (عين جالوت) فأخذ بيبرس يناوشهم، وأرسل إلى السلطان (قطز) وجنود المسلمين يخبرهم.

وكانت المعركة بين المسلمين والمغول في (عين جالوت) يوم الجمعة، وكان هذا العمل تأسياً برسول الله r والصحابة من بعده؛ حيث كانوا يحبون أن يكون القتال بعد الزوال ، وقد نشبت المعركة، وكان القتال شديداً على المسلمين حتى أن الأعداء كادوا يزيلونهم عن مواقعهم، وكان السلطان (قطز) ـ رحمه الله ـ يثبت الناس ، وينحاز إلى بعض نواحي الجيش حينما يحس ضعفاً منهم؛ حتى يقوي  من عزيمتهم، ويشجعهم ، وكان له مواقف شجاعة أثناء المعركة.

وقد شن التتار حملة قوية على ميسرة الجيش المسلم ، وكادت أن تزلزلـه، فتمكن (قطز) وبعض الأمراء معه من إسنادهم حتى ثبتوا ، واشتهر ـ رحمه الله ـ في تلك الأثناء بندائه في المعركة : "واإسلاماه ، واإسلاماه ، واإسلاماه" ، وقد اشتد القتال ، فكان النصر حليف المسلمين؛ حيث قتل قائد المغول (كتبغا) في المعركة ، وأسر ابنه ، وانهزم جند المغول ، ولم يبق منهم إلا القلة من الفارين ... ولما لاحت الهزيمة في صفوف المغول نزل السلطان (قطز) عن فرسه ، ومرغ وجهه على التراب تواضعاً لله تعالى ، وصلى ركعتين في أرض المعركة شكراً لله على نصره للمؤمنين ، وكان قد وقع في أسر الجيوش الإسلامية بعض من انضم إلى المغول من أمراء الشام المسلمين فأمر (قطز) ـ رحمه الله ـ بضرب أعناقهم ، ولم يقبل فيهم شفاعة (العمري : الفتوح الإسلامية عبر العصور ، ص 344 وما بعدها ـ  إشبيليا ـ الرياض).

ولم يكتف الجيش المسلم بهذا النصر ، بل تتبع التتار في سائر بلاد الشام وأخرجهم منها .

وهكذا سجل التاريخ للملك المظفر قطز أنه في فترة وجيزة لا تتعدى خمسة أسابيع – من عام 658هـ - استطاع أن يغير الصورة السياسية التي فرضها المغول على بلاد الشام وأن يعيدها إلى واقعها السابق ، أرضاً إسلامية ، وفوق ذلك فإنه استطاع في هذه الفترة الوجيزة أيضاً أن يعيد الوحدة إلى الجبهة الإسلامية ، وهي الوحدة التي ارتبطت بها انتصارات عديدة على الصليبيين".

وليس هذا فقط ، بل أنه – في الحق – قد أعاد للمسلمين جميعاً – وليس لبلاد الشام وحدها – حريتهم وعزتهم وأوطانهم التي تهاوت – بفعل التفرق – تحت أقدام المغول ، فأعادها سيف الدين قطز – بفضل راية "واإسلاماه" الواحدة إلى سابق مجدها وعزتها .



الكلمات المفتاحية

الخطرالصليبي قطز بيبرس البطولات المماليك ... حكام مصر والشام د. عبد الحليم عويس

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled يبين الداعية الإسلامي د. عبد الحليم عويس أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية أنه لم تكد جحافل الصليبيين تنحسر عن الشرق الإسلامي حتى نكب العالم الإسلامي ب