الحياء لا يأتي إلا بخير.. كيف أتصف به؟

بقلم | محمد جمال حليم | الجمعة 15 ديسمبر 2023 - 10:10 ص

بعث الله تعالى الرسل لهداية الخلق مبشرين ومنذرين، وأنزل عليهم الكتب التي تنظم حياة الأمم كل بما يناسب زمانه ومكانه.. ومما دعا إليه الرسل الأخلاق باعتبارها ركنا أصيلا من أركان الدين وبدونها يختل توازن المجتمع وينهار.

فالأخلاق هي الوقود الذي يعمل على إحياء قلوب وحياة الناس من جدي وبهذا تنقى القلوب وتطهر الأفئدة، ويبنى المجتمع، ولقد اجتمعت رسالات الأنبياء على إقرار أفضل الأخلاق وأسماها مكانة ومنزلة، وإن اختلفت الشرائع، لكن تبقى الأخلاق ثابتة لا تتغيّر. بل ويقرر سيد الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، فيقول: «بُعِثْتُ لِأُتَمِّمَ صَالِحَ الْأَخْلَاقِ» وفي رواية أخرى: «بعثت لأتمم حسن الأخلاق».

مفهوم الحياء:

والحياء له معان كثيرة منها أنه والحياء انكسار يعتري المسلم عن ذكر ما يذم به أو يعاب وبهذا كان الحياء سياجا يحافظ على أعراض الناس، فالحياء إذا خلق دافع للخير يقول ابن رجب الحنبلي في كتابه جامع العلوم والحكم الحياء هو الخُلُق الَّذِي يَحُثُّ عَلَى فِعْلِ الْجَمِيلِ، وَتَرْكِ الْقَبِيحِ، فَأَمَّا الضَّعْفُ وَالْعَجْزُ الَّذِي يُوجِبُ التَّقْصِيرَ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ عِبَادِهِ، فَلَيْسَ هُوَ مِنَ الْحَيَاءِ، إِنَّمَا هُوَ ضَعْفٌ وَخَوَرٌ، وَعَجْزٌ وَمَهَانَةٌ، ولقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشد حياء من العذراء في بكرها.

فضل الحياء في الإسلام:

ومن الأخلاق المهمة التي دعا الإسلام للاتصاف بها خلق الحياء فهو من أعلى قيم الإسلام، وأغلى شعب الإيمان، وأرقى وأنقى صفات المؤمنين، هذ الخلق الذي قال عنه رسول الله كما في البخاري عن عمران بن حصين: «الحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ»، وبهذا الخلق يعلو شأن المسلم ويزدان وبه يتفاضل عن غيره حتى من المسلمين يقول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك: «وَمَا كَانَ الحَيَاءُ فِي شَيْءٍ إِلَّا زَانَهُ»، فمن تخلّق به تزيّن بزينة الإيمان، ومن تزيَّى به فقد تزيَّى بلباس الإحسان، وارتقى به أعلى الدرجات.

كثرة الذنوب تكسر الحياء:

ومما يبتلى به المرء كثرة الذنوب فإن هو أطاه نفسه وهواه وجعل شهوته هي من تقوده واجترأ على المعاصي واعتادها يقل حياؤه شيئا فشيئا حتى ينعدم وبهذا ينعدم الخير فيه وعلى المؤمن الواعي أن ينتبه ويجاهد نفسه فإن زلت قدمه لمعصية تدرك نفسه بالتوبة والاستغفار وبهذا يقف حكيما أمام نفسه وأمام من يريد غوايته بقتل الحياء في المجتمع فلا تعطوهم الفرصة، واثبتوا على الحياء واستشعروا عظمة ربكم، وأيقنوا أنّ الله مؤيد الحق وأهله، وخاذل الشرك وأهله، وانتبهوا لما تبثه الفضائيات والشاشات على أنظار أبنائنا وبناتنا حياءً من الله، واحفظوا أعراضكم، وجنبوا أسركم الشهوات والشبهات ولا تتساهلوا فيها؛ فالزمن زمن صعب يحتاج إلى الرجال الأقوياء الأشداء.. والحياء وقاية من الذنوب وتطهير للنفس المجتمع كله من البلاء ويكون الخير في المجتمع بقج ما فيه من الحياء.