عزيزي المسلم، إن من أشكال لطف الله هو أنه عز وجل يقَدَّر عليك قرارًا كان صعب جدًا أن تعرف تختاره.. وبالتالي فإن الاختيار قُدرة وله ضريبة، وكثيرًا ما يفتح لك أبواب الحيرة أو الندم .. لكن حين يقدر لك الله عز وجل بذاته العليا ويختار لك، وتجدك فجأة فُرض عليك هذا القرار .. اعلم حينها يقينًا أن الله عز وجل سَهِل عليك مشوارًا كبيرًا من التفكير والتخطيط وحساب النفس و مجازفة الاختيار الخطأ..
وفوق كل ذلك .. فإن الله عز وجل بحكمته وبعلمه هو الذي اختار لك بدلاً عنك .. وجسِّد اختياره في صورة بشر تمنعوا عنك .. ربما أخذوا منك .. مواقف وترتبت بشكل غير متوقع .. حال وتم تغييره .. قرارات فاجأتك .. أو (خضتك) .. حتى لو في ظاهرها ظلمتك .. لكن تأكد أنه يحضَر لك أمورًا أخرى تمامًا، ستكون مفاجأة وغير متوقعة.
استعد للقدر
عزيزي المسلم، مهما كنت غير مستعد للقدر الذي ظهر جديدًا في حياتك، فكن واثقًا تمام الثقة واليقين من هذا المعنى، قال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا ).. فكر وخطط للمستجدات الجديدة، وأنت مطمئن .. كل الذي تفعله وتخطط له و سيظهر لك بعدها خطوات لبداية جديدة، وتشكيل جديد و طريق كان لابد أن تسير فيه ومستحيل كنت تختاره دون أن يفرض عليك.
ولذلك يقول الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: ( لو عرضت الأقدار على الإنسان لاختار القدر الذي اختاره الله له ).. وبالتالي عليك اليقين بأنه لا يمكن أن يخرج أي شيء مهما كان عن قدر الله عز وجل، وبالتالي فإن الإيمان بالقدر من أصول الإيمان التي لا يتم إيمان العبد إلا بها، ففي صحيح مسلم من حديث عمر بن الخطاب في سؤال جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبالقدر خيره وشره قال - أي جبريل عليه السلام-: صدقت».
اقرأ أيضا:
كيف تستعد ارمضان من الآن؟.. تعرف على أهم الطرق والوسائلكله بقدر
كل شيء مخلوق في الأرض والسماء مخلوق بقدر لاشك في ذلك، قال تعالى: «إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ» (القمر:49)، وبالتالي رفضك لهذا القدر لن يغير من الأمر شيء، لكن يقينك في الله عز وجل هو الطريق الوحيد أمامك لتغيير هذا القدر، لأنه بإيمانك بالله ويقينك فيه، يغير الله قدره لأجلك.
فقد روى مسلم في صحيحه عن طاووس قال: أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر، قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس».