أخبار

كيف أخرج زكاة ما يخرج من أرضى من زروع وثمار؟

احذر.. حرق البخور يتسبب في أمراض خطيرة

تخلص من الانتفاخ بـ 4 مكونات طبيعية

أخلاق محمد.. أفضل ما قرأته لك عن النبي الإنسان

ادع لأبنائك بهذا الدعاء يصلح أحوالهم ويهديهم

فضل الإكثار من الصلاة على النبي

متشكك في وجود الله وإيمانك ينقص.. هذه البوصلة تدلك على الحقيقة؟!

المصرية زوجة نبي وأم نبي وصارت أمّ العرب.. ماذا تعرف عن السيدة هاجر؟

إكرام الضيف من الإيمان..ما الذي يجب أن تفعله للحصول على أعلى الدرجات؟

كن من أصحابها.. لو كانت المروءة خفيفة الحمل ما تركها اللئام للكرام

"الشعراوي" يرد على فتنة أثارها المستشرقون حول الإسلام وعلاقته بالرسل السابقين

بقلم | عاصم إسماعيل | الاثنين 23 اغسطس 2021 - 09:05 ص


{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} ) الشورى: 13)

يقول العلامة الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي:

قوله سبحانه: { أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ.. } [الشورى: 13] لا تأخذوا أرباباً من دون الله، أو لا تتفرقوا في الدين شيعاً وأحزاباً، كما في قوله تعالى: {  إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ.. } [الأنعام: 159] فساعة تتشتت الجماعة فِرَقاً اعلم أنهم جميعاً جانبوا الصواب، لأن الحق واحد يجب أنْ نلتفَّ جميعاً حوله.{ كَبُرَ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ.. } [الشورى: 13] كلمة كبُر بالضم يعني عَظُم عليهم وشَقَّ عليهم، أما كبَر بالفتح فتُقال للسنِّ فالمشركون عَظُم عليهم ما تدعوهم إليه من التوحيد وإخلاص العبادة لله تعالى، وشَقَّ عليهم أنْ ينطقوا بكلمة الشهادة لا إله إلا الله، وهم يفهمون جيداً معناها ومقتضاها، فهي عندهم ليستْ كلمة تقولها الألسنة إنما هي منهج حياة لها متطلبات، وإلا لكانوا قالوها.

عَظُم في أنفسهم وشَقَّ عليهم أنْ يكون الناسُ سواسيةً كأسنان المشط لا فرقَ بينهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، وهم السادة أصحاب السلطة الزمنية من قديم، فكيف يأتي الإسلام ويُسوِّي بين السادة والعبيد فكبُر عليهم ذلك، وعَظُم في أنفسهم.

لذلك وقفوا في وجه رسول الله وعادوه وأخذوا منه موقفَ اللدد والخصومة، لكن الحق سبحانه يُطمئن رسوله فيقول بعدها: { ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } [الشورى: 13].

طمأنة الله للنبي

الحق سبحانه وتعالى يطمئن رسوله صلى الله عليه وسلم يقول له: لا تهتم بموقفهم العدائي لك ومصادمتهم لدعوتك، فهذا أمر طبيعي فَوُقوفُهُم في وجهك شهادة لك أنك على حق، لأنك ستأخذ منهم وتسلبهم السيادة التي كانت لهم، وتمنع الفساد المنتشر في مجتمعهم وهم منتفعون بهذا الفساد، والناس مُستكينة لهم لأنهم مُستضعفون لا حيلةَ لهم.

إذن: عداؤهم لك أمر طبيعي، فهم يسيرون وفق طبيعتهم وأنت تسير وفق طبيعتك، يعني من شيمتهم الاعتداء والعناد والمكابرة، ومن شيمتك التحمُّل للأذى.

فكأنَّ قوله تعالى: { ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } [الشورى: 13] إشارة إلى أن هؤلاء الصناديد المعاندين للدعوة سوف يكون منهم أنصار لها وأعلام في سمائها، فلا تعجل ولا تحزن ولا تهتم، سوف نأخذهم إلى ساحة الإيمان واحداً تلو الآخر، وبالفعل صدق الله فيما أخبر به رسوله، فقد دخل في الإسلام عمر وخالد وعمرو وعكرمة وغيرهم.

كلمة (يجتبي) بمعنى يختار ويصطفي من عباده مَنْ يشاء لنصرة دينه، وهذا الاصطفاء كأنه مقدمة للهداية، لذلك قال بعدها: { وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ } [الشورى: 13] فيصطفيهم أولاً بأن يبعدهم عن عداوة الدعوة، ويحبب إليهم الإيمان كأنه يجهزهم لهذه المهمة.

قرأنا في تاريخ الغزوات مثلاً أن أحد الصحابة يعود من الحرب حزيناً لأنه أفلت منه خالد أو عمرو أو عكرمة ويقول: كنتُ على وشك أنْ أقتله لولا كذا وكذا، وهو لا يدري أن يدخره لنصرة دينه وإعلاء كلمته، فالله تعالى كان يدخر هؤلاء وكان يُعدهم ويجتبيهم، ثم بعد فترة هداهم للإسلام، فكانوا هم حَمَلة رايته وقادة مسيرته.

اقرأ أيضا:

المصرية زوجة نبي وأم نبي وصارت أمّ العرب.. ماذا تعرف عن السيدة هاجر؟

شبهة المستشرقين

وقبل أن نترك هذه الآية ينبغي أن نشير إلى الفتنة التي أثارها بعض المستشرقين حول قوله تعالى { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ.. } [الشورى: 13] يقولون: ما الضرورة إذن لمجيء الرسالة الآخرة ما دامت الوصية لجميع الرسل واحدة، ثانياً: قالوا بوجود تعارض بين الآيات، لأن الله تعالى قال في موضع آخر: {  لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً.. } [المائدة: 48].

إذن: فكل نبي شريعة، وعند محمد أشياء غير ما وصى به.

وللرد على الشبهة الأولى نقول: إن الحق سبحانه وتعالى له أشياء ضرورية، ألزم بها جميع الرسل في موكب الرسالات، فهم جميعاً متفقون في هذه الأمور، أولها التوحيد وعدم الشرك بالله، ثم الإيمان بالكتب السماوية وبالرسل، ثم الإيمان بالبعث.

فهذا قَدْر مشترك عند جميع الرسل لا يتغير، لأنها ثوابت الدين وأعمدته، وهي المرادة في قوله تعالى: { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ.. } [الشورى: 13].

فالوصية هنا بالأشياء الضرورية والثابتة في كل الأديان السماوية، فالتوحيد دعوة كل رسل الله، والصلاة وجدناها في كل الشرائع السابقة، وكذلك الزكاة، لذلك لا يمكن أنْ تخلو رسالة من الرسالات من هذين الأمرين.

ففي قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما أسكن من ذريته بوادٍ غير ذي زرع علَّل ذلك بقوله: {  رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } [إبراهيم: 37] ويقول تعالى في نفس القصة: {  وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ ٱلْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّآئِفِينَ وَٱلْقَآئِمِينَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ } [الحج: 26].

وفي قصة سيدنا شعيب عليه السلام يقول له قومه: {  قَالُواْ يٰشُعَيْبُ أَصَلَٰوتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ ءابَاؤُنَآ.. } [هود: 87]

وفي قصة سيدنا زكريا عليه السلام: {  فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ.. } [آل عمران: 39].

والزكاة كذلك من الثوابت التي جاءت في كل الأديان، اقرأ مثلاً قوله تعالى: {  قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ * وَذَكَرَ ٱسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ * بَلْ تُؤْثِرُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا * وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ * إِنَّ هَـٰذَا لَفِي ٱلصُّحُفِ ٱلأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ } [الأعلى: 14-19].

اقرأ أيضا:

مراتب رَدِّ الإساءة.. كيف تكون في أعلاها وأفضلها منزلة؟ (الشعراوي يجيب)

التخلية والتحلية

كذلك اتفقت كل الأديان السماوية في تطهير النفس والجوارح من الآثام والمعاصي التي تضر بالنفس وبالمجتمع، لأن التخلية من الآثام تسبق التحلية بالطاعات.

خذ الجوارح من أول القلب إلى القدم تجد كل الأديان السماوية تدعو إلى تطهيرها، فالقلب وهو قائد الجوارح والأم بينها، لذلك قال عنه سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ألا إن في الجسد مُضْغة إذا صَلُحَتْ صَلُح الجسد كله، وإذا فسدتْ فسد الجسد كله، ألا وهي القلب ".

ومطلوب للقلب عدة أشياء: أولاً: عدم الإشراك بالله، ثم عدم الإصرار على المعصية، ثم لا يأمن مكر الله ولا يقنط من رحمة الله. هذه كلها عقيدة ينبغي أن تستقر في القلب.

كذلك اللسان وهو عمدة البيان والتبليغ يجب أنْ يتطهر من عدة أشياء: أولها: شهادة الزور، ثم قَذْف المحصنات، ثم اليمين الغموس وهو يمين ليس له كفارة، ثم يتطهر اللسان من أنْ يقول الطلاسم التي يقولها السحرة.تعالَ إلى البطن ينبغي أنْ تتطهر وتبرأ من عدة أشياء: شرب الخمر، أكل الربا، أكل مال اليتيم.

وكذلك اليدان تبرأ من السرقة ومن القتل. وكذلك العورات تبرأ من الزنا وغيره مما حرَّمه الله عليها، وكذلك الرِّجْلان تبرأ من التولي يوم الزحف، ومن السعي إلى كل ما هو محرَّم.

ومن هذه الثوابت عقوق الوالدين، فهو محرم في كل الأديان كذلك وهو عام في كل الجوارح، وقد حرمه الحق سبحانه لأن بر الوالدين تدريب ورياضة لطاعة الله، ذلك لأن الوالدين سبب الوجود المباشر، والحق سبحانه وتعالى سبب الوجود غير المباشر.

فكأن طاعة الوالدين وبرِّهما باب ومدخل لطاعة الله. وهذا البر محفوظ لهما، حتى وإنْ كانا مشركين: {  وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي ٱلدُّنْيَا مَعْرُوفاً.. } [لقمان: 15].

لذلك الحق سبحانه وتعالى يُعلِّمنا بر الوالدين في موكب الرسالات كلها، ففي قصة سيدنا عيسى عليه السلام، ولأنه جاء من أم بلا أب، وقد تكون هذه المسألة مدخلاً من مداخل الشيطان على سيدنا عيسى، فيُوصيه ربه بأمه فقط: {  وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً } [مريم: 32] حتى يقطع على الشيطان مدخله.

أما في قصة سيدنا يحيى عليه السلام فقال: {  وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً }[مريم: 14] بوالديه يعني: أباه وأمه، ونلحظ في القصتين أن سيدنا عيسى عليه السلام هو الذي يتكلم عن أمه ويقول {  وَبَرّاً بِوَٰلِدَتِي.. } [مريم: 32] فهذا قرار واعتراف منه.

أما في قصة سيدنا يحيى، فالحق سبحانه هو الذي يحكي عنه أنه كان براً بوالديه، ونصَّ على البر في قصة سيدنا يحيى، لأن السببية في والديه مفقودة، فأبوه قد بلغ من الكبر عتياً، وأمه كانت عاقراً، إذن: كيف يأتي الولد وهذا أيضاً من مداخل الشيطان على سيدنا يحيى.

التطهر من الآثام

إذن: فالحق سبحانه يريد للجميع أنْ يكون نظيفاً طاهراً من كل هذه الآثام، لذلك طهَّر الجوارح كلها وجعلها أداة بناء ومودة وتراحم، وبنى المجتمع على أسس قويمة تكفل لأفراده الحياة السعيدة المطمئنة، وهذا قاسم مشترك في كل ديانات السماء، وهذه الأمور هي المرادة بقوله سبحانه: { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً.. } [الشورى: 13]

أما قوله تعالى: {  لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً.. } [المائدة: 48] فيُراد بها الشرائع والأحكام الخاصة بكل ديانة، وهذه الشرائع تختلف باختلاف المجتمعات والبيئات والداءات الموجودة والآفات المنتشرة بين القوم، فالشرائع تأتي لمعالجة الآفات في مجتمعها ولذلك تحتلف من دين لآخر.

فجماعة انتشرت بينهم الرذيلة والفاحشة، وجماعة طففوا المكيال والميزان، وجماعة عبدوا الأصنام، وآخرون عبدوا الكواكب أو الملائكة. وهكذا، فلا بد إذن أن تختلف الشرائع في هذه الأمور الاجتماعية.

من هذا نعلم أن اعتراض المستشرقين لا محلَّ له، فلكل آية موضوعها.

اقرأ أيضا:

من دلائل الإعجاز القرآني.. ماذا سيحدث للسفن إن سكنت الريح؟ (الشعراوي يجيب)

https://www.youtube.com/watch?v=nz946r-4rkk


الكلمات المفتاحية

الشعراوي تفسير القرآن فتنة أثارها المستشرقون حول الإسلام

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِ