كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما مات نبي قام فيه نبي، لذلك جاء في أخبار الأولين الكثير من أحوالهم وقصصهم العجيبة ومن ذلك ما وقع من أحد أنبيائهم " شعيا".
موعظة بليغة:
يقول وهب بن منبه: " قالت بنو إسرائيل لشعيا: صلينا فلم تنور صلاتنا، وتزكينا فلم تزك زكاتنا، وبكينا بمثل حنين الحمام وعوي الذئاب في كل ذلك لا يسمع منا.
فأوحى الله إليه فاسألهم: بم ذلك؟ وما الذي يمنعني من ذلك؟ لأن ذات يدي من قلة؟ فكيف وبيدي خزائن السماوات والأرض، أنفق كيف أشاء؟ أم لأن رحمتي ضاقت؟ وإنما يتراحم المتراحمون بفضل رحمتي، أم لأن البخل يعتريني؟
وجاء في موعظة الرب لهم: أولست أجود من سئل، وأفضل من أعطى؟ لو أن هؤلاء القوم نظروا لأنفسهم بالحلم الذي يورث في صدورهم، فاشتروا بها الدنيا، إذا لعرفوا من أين أتوا.. إن أنفسهم هي أعدى العداة لهم.
سبب عدم استجابة دعائهم وتضرعهم:
يقول الرب: كيف أنور صلاتهم وقلوبهم صاغية إلى الدنيا.. ويستحلون محارمي؟ أم كيف أقبل صيامهم وهم يتقوون عليه بالطعمة الحرام؟ أظنه قال: أم كيف أقبل زكاتهم وإنما اغتصبوا الناس؟ وبم أؤجر عليها أهلها المغتصبين؟
اقرأ أيضا:
انفجار الماء.. من نبي الله موسي إلى محمد خاتم الأنبياءالبشرى بالنبي محمد:
وجاء في الموعظة: فإني قضيت على نفسي قضاء يوم خلقت السماوات والأرض جعلت لذلك أجلا مؤجلا لابد وأن سوف يقع، فاسألهم متى ذلك؟ ومن العالم بهذا الأمر من أعوان هذا الأمر إن كانوا صادقين؟ فإني مبعث لذلك نبيا أميا، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخّاب بالأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوّال للخنا أسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، ثم أجعل التقوى ضميره، والحكمة معقوله، والبر والوفاء طبيعته، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، إيمانا بي وإخلاصا، يصلون لي على الأشراف، يطهرون الأطراف، أناجيلهم صدورهم، وقربانهم دماؤهم، ليوث النهار، رهبان الليل، ذلك فضلي أؤتيه من أشاء، وأنا ذو الفضل العظيم ".