أكرم الله تعالى الأنبياء بمقام النبوة وهو مقام عطاء وفضل من الله خصّ به أنبياءه عليهم أفضل الصلاة والتسليم. والأنبياء مع كرامة النبوة، ولكنهم من جنس البشر، يتعرضون لما يتعرض له البشر.
بواطن الأنبياء:
وأما بواطنهم فمنزهة غالبا عن ذلك معصومة منه، متعلقة بالملأ الأعلى والملائكة لأخذها عنهم، وتلقيها الوحي منهم. 1-وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي. 2- وقال: إني لست كهيئتكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني. 3- وقال: لست أنسي، ولكن أنسى، ليستنّ بي.
فائدة عظيمة:
1-أخبر أن سره وباطنه وروحه بخلاف جسمه وظاهره، وأن الآفات التي تحل ظاهره من ضعف وجوع، وسهر ونوم، لا يحل منها شيء باطنه، بخلاف غيره من البشر في حكم الباطن. لأن غيره إذا نام استغرق النوم جسمه وقلبه، وهو صلى الله عليه وسلم في نومه حاضر القلب كما هو في يقظته حتى قد جاء في بعض الآثار أنه كان محروسا من الحدث في نومه لكون قلبه يقظان. 2- وكذلك غيره إذا جاع ضعف لذلك جسمه، وخارت قوته، فبطلت بالكلية جملته، وهو صلى الله عليه وسلم قد أخبره أنه لا يعتريه ذلك، وأنه بخلافهم، لقوله: لست كهيئتكم: إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني. وهذه الأحوال كلها، من وصب ومرض، وسحر وغضب، لم يجز على باطنه ما يخلّ به، ولا فاض منه على لسانه وجوارحه ما لا يليق به، كما يعتري غيره من البشر.