دار الافتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل بالقول :اتفق الفقهاء على أن من جامع زوجته في نهار رمضان وتكرر منه الجماع في يوم واحد من أيام رمضان تجب عليه كفارة واحدة؛ وذلك لأن الفعل الثاني لم يصادف صومًا، واختلف الفقهاء فيمن تكرر منه ذلك الفعل في يومين من رمضان واحد، أو في رمضانين، ولم يكن كفَّر للأول، وبيان اختلافهم في ذلك على النحو الآتي:
الدار أشارت في الفتوي المنشورة علي صفحتها الرسمية علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك " إلي أن جمهور الفقهاء المالكية والشافعية، والحنابلة في وجه ذه، إلى أن من جامع زوجته في يومين من رمضان واحد أو في رمضانين ولم يكفر تلزمه كفارتان؛ قال الإمام مالك في "المدونة" حين سُئل عن ذلك قُلْتُ: فَمَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ جَامَعَ امْرَأَتَهُ أَيَّامًا فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ لِكُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ، وَعَلَيْهَا مِثْلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ طَاوَعَتْهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْرَهَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهَا وَعَنْ نَفْسِهِ، وَعَلَيْهَا قَضَاءُ عَدَدِ الْأَيَّامِ الَّتِي أَفْطَرَتْهَا. قُلْتُ: فَإِنْ وَطِئَهَا فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مَرَّةً وَاحِدَةً]
وبحسب دار الافتاء المصرية قال الإمام الشيرازي الشافعي في "المهذب" "فصل: وإن جامع في يومين أو في أيام لكل يوم كفارة؛ لأن صوم كل يوم عبادة منفردة فلم تتداخل كفاراتها؛ كالعمرتين، وإن جامع في يوم مرتين لم يلزمه للثاني كفارة؛ لأن الجماع الثاني لم يصادف صومًا" .
وكذلك وقال الإمام الزركشي الحنبلي في "شرحه على مختصر الخرقي" "إذا جامع في يوم في رمضان، ثم لم يُكَفِّر حتى جامع في ذلك اليوم ثانيًا، فكفارة واحدة بلا نزاع؛ لأن الكفارات زواجر بمنزلة الحدود، فتتداخل كالحدود، وإن جامع في يوم ثم لم يكفر حتى جامع في يوم آخر فوجهان: أحدهما -وهو ظاهر كلام الخرقي، واختيار أبي بكر في "التنبيه"، وابن أبي موسى-: لا يجب إلا كفارة واحدة، كما لو كانا في يوم، وقياسًا على الحدود، ولأن حرمة الشهر كله حرمة واحدة، فهو كاليوم الواحد، ولهذا أجزأ بنية واحدة على رواية.
أما الرأي الثاني فيما يتعلق بتعدد الكفارة بتكرار الجماع في رمضان فقد ذهب الفقهاء إلي أنه يجب عليه كفارتان، أو كفارات بعدد الأيام، اختاره ابن حامد، والقاضي في خلافه، وفي جامعه، وروايتيه، والشريف وأبو الخطاب في خلافيهما، وصاحب "التلخيص"؛ لأنهما يومان لو انفرد كل منهما بالفساد تعلقت به الكفارة، فإذا عمهما الفساد وجب أن يتعلق بكل منهما كفارة، كاليومين من رمضانين؛ ولأن كل يوم بمنزلة عبادة منفردة، بدليل أن فساد بعضها لا يسري إلى بقيتها، واحتياج كل يوم إلى نية على المذهب. والله أعلم] اهـ.
وفي المقابل ووفقا للفتوي ذهب الحنفية، والحنابلة في وجه، إلى أن من جامع زوجته في يومين من رمضانٍ واحدٍ تلزمه كفارة واحدة، واختلفوا فيمن جامع زوجته في يومين من رمضانين: فذهب الشيخان من الحنفية إلى أنه تجب عليه كفارتان؛ لأن لكل شهر حرمة على حدة، وذهب محمد بن الحسن، ووجه عن الحنابلة، إلى أنه تجزئه كفارة واحدة.
من جهته قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع": "ولو جامع في رمضان متعمدًا مرارًا بأن جامع في يوم ثمَّ جامع في اليوم الثاني ثم في الثالث ولم يكفر فعليه لجميع ذلك كله كفارة واحدة عندنا، وعند الشافعي عليه لكل يوم كفارة، ولو جامع في يوم ثمَّ كفَّر ثم جامع في يوم آخر فعليه كفارة أخرى في "ظاهر الرواية"، وروى زفر عن أبي حنيفة أنه ليس عليه كفارة أخرى، ولو جامع في رمضانين ولم يكفر للأول فعليه لكل جماع كفارة في "ظاهر الرواية"، وذكر محمد في "الكيسانيات" أن عليه كفارة واحدة"
اقرأ أيضا:
يكتب بيت الزوجية باسم زوجته .. ويجبرها على التنازل عن مؤخر الصداق.. فما الحكموفي نفس السياق العلامة الزبيدي في "قوله: والكفارة مثل كفارة الظهار" أحال رحمه الله على الظهار ولم يبينه؛ لأن كفارة الظهار منصوص عليها في القرآن، فإن من أفطر في رمضان مرارًا، إن كان في يوم واحد كَفَتْه كفَّارة واحدة بالإجماع، وإن كان في رمضانين لزمه لكل يوم كفارة بالإجماع، وإن لم يكفِّر للأول في الصحيح، وإن كان في رمضان واحد فأفطر في يوم واحد ثم في يوم آخر، فإن كفَّر للأول لزمه كفارة للثاني بالإجماع، وإن لم يكفِّر للأول كَفَتْهُ كفارة واحدة عندنا.