فرق كبير بين أن تقنع نفسك بشخص ما لأنك مشدود له وتسميها (حب) .. وبين أن تكون مقتنع بشخص ما فتحبه بالفعل !
الإنجذاب واللهفة مع الوقت والتعود تهدأ.. لكن الذي يعيش ويحافظ على حب متزن .. هو ( الاقتناع ).. لأنه يجعلك تستطيع أن تكمل مهما كانت الظروف والأسباب.. يجعلك تقدَّر .. وتراعي .. وترضى .. وتحتوي .. وتساعد .. وتفَوِّت .. وتعرف كيف تتعامل بوِّد و رحمة ..
لكن عليك أن تدرك أن (مقتنع) ليس معناها أنه شبهك في كل شيء .. وارد أن يكون هناك اختلافات كثيرة .. لكن اقتناعك به وبتفاصيله يجعلك تتغاضى عن هذا الاختلاف دون أن تكون مضحيًا بكرامتك !.
فالحب مهما كتب فيه لكن لا يستطيع أحد مهما كان أن يفسر أسراره .. و كلما كنت إنسان بطبيعتك تعرف كيف تحب كلما ستتعرف على هذا الشعور جيدًا، وتحاول أن تفرق بين المشاعر و تدرك أنه ليس أي لهفة عابرة، ولا أي انجذاب عابر، ولا أي احتياج ولا انبهار ولا الممنوع المرغوب .. وإنما الاقتناع الحقيقي هو الحب الحقيقي.
مجرد احساس
إذن إياك أن تعتبر نفسك تعيش الحب الحقيقي لمجرد احساس عابر وفقط، لأنك غالبًا ما ستتعرض للخبطة، ولا تدري كيف تصنَف إحساسك ومشاعرك..
أمران لا بد لهما أن يتواجدا في الحب : (الانجذاب الروحي و الاقتناع ).. فلا الانجذاب يأتي بالعافية، ولا الاقتناع يوجد بالعافية .. لكن بشرط أن تكون صادقًا مع نفسك ومتحررًا من التعلق .. حتى ترى الحقيقة عارية تمامًا وليس مجرد صور وأحاسيس تريد أن تعيشها و توهم نفسك بها ..
و لو كنت صادقًا ومتحررًا فلن تكون بحاجة إلى أي مجهود حتى تعرف هل أنت مقتنع أم لا .. لا إرادياً سترتاح للمبادئ وللقيم ولأسلوب التفكير، وللأهداف، ولطريقة الكلام، ولطريقة الاختلاف .. وللشكل .. للبس .. للهزار .. للجد .. للقرب .. للبعد ..
كل هذا تشعر به بشكل تلقائي .. لأن كل ذلك أساسات مقابل أي اختلافات أخرى لا تشعر بها.
لغة مشتركة
للوصول إلى هذه المرحلة من الاقتناع، تكون هناك لغة مشتركة، تبين لكل طرف أي اختلاف مهما كان، بل وتقبله مهما كانت الظروف والأسباب، ففي الحب لا تبذل مجهودًا كبيرًا حتى تقنع نفسك بأحدهم .. ولا تغَّيَر منه .. إنما هو حالة تعيشها في الاختلاف والإتفاق .. في الفرح و في الضيق .. في التعود وفي التجديد .. ففي الحب حرية وليس قلق أو قيود .. فهو قوة تعينك على الحياة .. وتقدير و دافع و ثقة بالنفس .. فالحب انسجام و سلاسة .. وهدوء .
والأصل في الحب أنك تشعر بالراحة دائمًا .. وتريَح من تحب.. وقبل كل ذلك، هو رزق كأي رزق .. والسعي له بأنك (تشتغل على قلبك) بأن يكون قلبًا سليمًا يعرف كيف يحب .. ومدرك أن حب كل شئ في الحياة هو صورة من صور حب الله !.. حينها ستدرك أن الحب منحة و هبة من الله .. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ ).