اشتهر عن أبي الأنبياء وخليل الرحمن عليه الصلاة والتسليم المزيد من الكرم، ويكفي ما جاء في حقه في إكرامه لضيوفه.
وقد كان سيدنا إبراهيم عليه السلام يضيف من نزل به , وكان الله تعالى قد أوسع عليه وبسط له في المال والخدام.
ضيافته للملائكة:
كان الضيوف قد حبسوا عنه خمس عشرة ليلة حتى شقّ ذلك عليه , أن لا يأتيه أحد فيضيفه, فلما رآهم سر بهم , فرأى ضيوفا لم ير مثلهم حسنا وجمالا.
فقال: لا يخدم هؤلاء القوم إلا أنا بيدي , فخرج فجاء بعجل سمين , قد خدّه فقربه إليهم , فأمسكوا أيديهم , فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم حين لم يأكلوا من طعامه , قالوا: "لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط".
دخول الضيوف متنكرين:
روى الصحابي أبو موسى : " مرّ الرسل بإبراهيم متنكرين , فأضافهم , فقال لسارة: لقد نزل بنا اليوم قوم , ما رأيت أحسن وجوها منهم , ولا أطيب ريحا منهم , وكانوا ثلاثة.
فقالت: أنا أكفيك ما عندي , فاكفني ما عندك , فخبزت لهم , وقام إلى عجل بقر فذبحه , ثم خد أو حفر له في الأرض خدا , فأجّجه نارا , ثم وضع العجل فيه برأسه وأظلافه.
قالت له سارة: لم فعلت هذا؟ قال: أحببت أن آتيهم به كما ذبحته , يأكل من شاء منهم من رأسه , ومن شاء من أظلافه.
اظهار أخبار متعلقة
تقديم المائدة للملائكة:
وجاءت السيدة سارة بمائدة الضيوف , فوضعتها بين أيديهم , وجاءت بما عندها , فوضعته , وجاء إبراهيم بالعجل , فوضعه على المائدة , فجعلت أيديهم لا تصل إليه.
فقال لهم إبراهيم: ألا تأكلون؟ قالوا: يا إبراهيم , إنا قوم لا نأكل شيئا إلا بثمن, قال: إن لطعامنا هذا ثمنا.
قالوا: وما ثمنه؟ قال: تسمون الله إذا أكلتم , وتحمدونه إذا فرغتم , فإذا فعلتم ذلك فقد أعطيتمونا ثمنه.
قال: فالتفت أحد الثلاثة إلى صاحبه , من غير أن يسمعه , فقال: حق له أن يتخذه الله تعالى خليلا , ما ينساه على حال.
معجزة ربانية عن العجل السمين:
قال إبراهيم: لو علمنا أنكم لا تأكلون عندنا لتمسكنا بلبن بقرتنا عامنا هذا , يقول: لم نذبح عجلها , وإنما ذبحناه إرادة أن تأكلوا.
فقال أحد الثلاثة: ابعثوا لإبراهيم عجل بقرته , فزخ به أحد الثلاثة , فقام أحسن ما كان وأسمنه , يشتد إلى أمه , ففزع إبراهيم عليه السلام , وخاف أن يكون شيء حدث لم يعلم به , قالوا: لا تخف , إنا أرسلنا إلى قوم لوط ".
يقول السدي: نزلت الرسل بإبراهيم عليه السلام يتضيفونه , فجاءهم بعجل حنيذ , فلما وضع بين أيديهم لم تصل إليه كف , أو لم يتناولوا منه شيئا , فقال لهم إبراهيم حين رآهم لا يطعمون: ما لكم لا تطعمون؟
قالوا: إنا قوم لا نصيب طعاما إلا بثمن , فقال إبراهيم: إن لطعامي هذا ثمنا , قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون الله عز وجل في أوله , وتحمدونه في آخره , فقال جبريل لميكائيل عليه السلام: حق لهذا أن يتخذه الله خليلا ".