نهر الكوثر هو نهر من أنهار الجنة كما أكدت آيات القرن الكريم والسنة النبوية الشريفة وسيرة النبي محمد، فقد جاء في القرآن الكريم أن الله منحه للنبي محمد، وذلك في سورة الكوثر"أنا اعطيناك الكوثر *فصل لربك وانحر *أن شائنك هو الأبتر
وليس أدل علي المكانة العظيمة لنهر الكوثر أن نزلت باسمه سورة في القرن الكريم حيث تحدث عن نزولها الصحابي الجليل أنس بن مالك حيث ذكر رضي الله عنه أن الرسول صليّ الله عليه وسلم أغفى لبعض الوقت ؛ ثم رفع رأسه وهو يبتسم ؛ فأخبرهم رسول الله عن سبب ضحكه قائلًا أنه قد أُنزلت عليه سورة في ذلك التوقيت ثم تلا عليهم سورة الكوثر ، وبعد أن انتهى أخبرهم أن الكوثر هو نهر في الجنة عليه الكثير من الخيرات ؛ كما أخبرهم أن أمته ستَرِد عليه يوم القيامة .
وكذلك وردت الكثير من نصوص الأحاديث حول نهر الكوثر ؛ ورؤية رسول الله صليّ الله عليه وسلم له في رحلة الإسراء والمعراج ، ومن بين هذه الأحاديث التي وردت عن أنس بن مالك أن الرسول صلّي الله عليه وسلم قال : "بَيْنَمَا أَنَا أَسِير فِي الْجَنَّة إِذْ عَرَضَ لِي نَهَر حَافَّتَاهُ قِبَاب اللُّؤْلُؤ الْمُجَوَّف . فَقَالَ الْمَلَك – الَّذِي مَعَهُ – أَتَدْرِي مَا هَذَا ؟ هَذَا الْكَوْثَر الَّذِي أَعْطَاك اللَّه وَضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى أَرْضه فَأَخْرَجَ مِنْ طِينه الْمِسْك
سيدنا أنس بن مالك واصل رواية ما قاله الرسول صلي الله عليه وسلم عن نهر الكوثر قائلا :أَتَدْرون ما الكوثرُ ؟ فقلنا : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال: فإنه نهرٌ وعَدْنِيه ربي عزَّ وجَلَّ ، عليه خيرٌ كثيرٌ ، و حوضٌ تَرِدُ عليه أمتي يومَ القيامةِ ، آنيتُه عددُ النجومِ ، فيَخْتَلِجُ العبدُ منهم ، فأقولُ : ربِّ ، إنه مِن أمتي . فيقول : ما تدري ما أَحْدَثَتْ بعدَك . زاد ابنُ حجرٍ في حديثِه: بين أَظْهُرِنَا في المسجدِ . وقال : ما أَحْدَثَ بعدَك.
بل أن هذا النهر في الجنة له صفات عديدة كما أجمع المفسرون والمتخصصون في علوم القرآن منها أن بياضه بياض اللبن وأحلي من العسل وتربته أطيب من المسك ويجر علي الياقوت بل أن فيه حوض الرسول صلي الله عليه وسلم
«أوصاف نهر الكَوْثَرُ عديد هفهو ناهيك عن كونه نهرٌا في الجنةِ فإن حافَتَيه من ذهبٍ ومَجْرَاتيه على الدُّرِّ والياقوتِ تُرْبَتُهُ أَطْيَبُ من المِسْكِ وماؤُهُ أَحْلَى من العَسَلِ وأَبْيَضُ من الثَّلْجِ.
كتب السير أجمعت علي أن رسولنا الكريم بعد أن منحه الله تعالى ذلك النهر الموجود بالجنة ؛ أمره بإقامة الصلاة والنحر أي الذبح ؛ في الآية الثانية من سورة الكوثر في قوله تعالى “فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ” وهو أمر صريح من المولى عزوجل بالصلاة له وحُسن عبادته ؛ لأنه سبحانه وتعالى أهل لذلك ؛ وكما أعطى رسوله الجنة ؛ فهو يريد منه الطاعة والعبادة ، أما عن النحر فهو يعني الذبح من أجل الطعام ؛ وهو يكون باسم الله وفي اتجاه القبلة ؛ حتى يكون ذبحًا شرعيًا .
عديد من التفسيرات وردت لكلمة ” وَانْحَرْ ” حيث ذُكر من بعض المفسرين أنها تعني رفع اليدين في الوقت الذي تبدأ فيه الصلاة ، وقيل أيضًا أنها تعني أن يضع الشخص الذي يقوم بالنحر اليد اليمنى على اليد اليسرى أسفل النحر ، ولكن الأرجح هو أن النحر هو ذبح المناسك ؛ لذلك كان الرسول صلّ الله عليه وسلم يصلي العيد ثم يقوم بالنحر .
وورد بالآية الثالثة والأخيرة من سورة الكوثر توضيح من المولى عز وجل لرسوله محمد صلّي الله عليه وسلم ؛ بأن من يبغضه هو الأذل ؛ حيث يقول الله سبحانه وتعالى “إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَر” ، والمعنى هنا في الآية يتحدث عن أعداء رسول الله صلّ الله عليه وسلم ؛ حيث وصفهم الله بأنهم هم المذلولون المُبغضون المنقطعون عن الذكر .
وذُكر كذلك أن كلمة الأبتر وردت في بعض المشركين الذين كانوا يقولون على رسول الله صلّي الله عليه وسلم حينما يموت ولده حيث أجمع كثير من المفسرين أنها نزلت في ابي لهب عندما شمت في موت القاسم ابن النبي صلي الله عليه وسلم حيث وصف النبي بالابتر الذي يموت أولاده الذكور ؛ ؛ وجاءت الآية الكريمة كأبلغ رد على هؤلاء الكفار.
وذكر أخرون أنها نزلت في العاص بن وائل. إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: دعوه، فإنه رجل أبتر، لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذِكْرُهُ. فأنزل الله تعالى هذه السورة؛ أي سورة الكوثر. وقال شمر بن عطية: نزلت في عقبة بن أبي معيط. وقال ابن عباس وعكرمة: نزلت في كعب بن الأشرف، وجماعة من كفار قريش.