يعتبر أبو عبيدة بن الجراح من السابقين الأولين، فهو قديم الإسلام، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأمين هذه الأمة.

مكانته عند أبي بكر:

كانت طوائف من أحياء العرب تأتي من عامة الآفاق إلى أبي بكر إمدادًا للمسلمين، فيستعمل عليهم الرجل منهم، ويخبرهم أن يمضوا إلى أي أمرائه أحبوا، فإذا قالوا: اختر لنا يا خليفة رسول الله.
قال: عليكم بالهين اللين الذي إذا ظلم لم يظلم، وإذا أسيء إليه غفر، وإذا قطع وصل، رحيم بالمؤمنين، شديد على الكافرين.. عليكم بأبي عبيدة بن الجراح.
ومعنى هين: لين ، وقوم هينون: لينون.
وفي يوم السقيفة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر للأنصار: قد رضيت لكم أحد الرجلين عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح.
يقول أبو بكر : أما أبو عبيدة فسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة" وأما عمر فسمعته يقول: "اللهم أيد الدين بعمر, أو بأبي جهل".

قدْره عند عمر:

لما بلغ عمر أن بالشام وباء شديدًا قال: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حي استخلفته، فإن سألني ربي -عز وجل- لم استخلفته على أمة محمد? قلت: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن لكل نبي أمينا، وأميني أبو عبيدة بن الجراح".
ويقول أيضا الفاروق عمر: وإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل, فإن سألني ربي لم استخلفته? قلت: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء بناحية".
ولما سئلت عائشة: من كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مستخلفًا لو استخلف? قالت: أبا بكر، قيل: ثم من? قالت: عمر، قيل: ثم من? قالت: أبا عبيدة.

فضائل أخرى:

عن جابر بن عبد الله قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سرية وأمر عليها أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيرًا لقريش، وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره.
 وكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، فقيل له: فكيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، فكنا نضرب بعصينا الخبط ثم نله بالماء فنأكله.
 قال: وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هي دابة تدعى العنبر، قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لا بل نحن رسل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفي سبيل الله، وقد اضطررتم، فكلوا؛ قال: فأقمنا عليه شهرًا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولو رأيتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقتطع منه القدر كالثور -أو كقدر الثور-.
 ولقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في جوف عينه، وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها، وتزودنا من لحمه وشائق.
 فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكرنا ذلك له، فقال: "هو رزق الله أخرجه لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعموننا?" قال: فأرسلنا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منه فأكله.