تصادف الإنسان في دنياه علامات كثيرة تذكره بالآخرة قل من ينتبه إليها.. أحيانًا يتعرض الإنسان لحادث ويكون بينه وبين الموت ذراع أو أقل ثم ينجيه الله.. وأحيانا يتعرض للغرق وأخرى للمرض وغير ذلك وهذه العلامات تحتاج لقراءة واعية لتستخرج منها العبرة والعظة. قصة واقعية:
وقصة اليوم حدثت بالفعل وهي أيضا علامة من العلامات التي يسوقها الله لعباده للتذكير
بالآخرة كتب هذه القصة الشيخ فتحي مصطفى -رحمه الله- أحد الدعاة على صفحته وهو يحكي قصته في غرفة الرنين المغناطيسي.
يقول: في غرفة جهاز الرنين المغناطيسي المغلقة تجربة حياتية لن تخرج بعدها كما دخلت قلباً وشعوراً:
٤٠ دقيقة وأنت مستلقٍ على ظهرك، مكان مظلم ضيق بارد ، لا يتحرك منك أي شيء، صمت لا يقطعه إلا ضجيج الآلات.
لا تفتأ حينها تستحضر فكرة المآل الأخير ، وتستشعر شيئاً من تفاصيله.
يقول: كنت أعاني من آلام مفصل الحوض وطلب مني عمل اشعه بالرنين، وقام الشيخ الحبيب، محمد عبدالله حسب -حفظه الله ورعاه وشفاه- بالحجز لي، وكنت أظن الأمر سهلاً لا يستحق التهويل والمبالغة، فـاستلقيت على ظهري وطلب مني عدم الحركة تماما، فدخلت.
غرفة الرنين:
ويستطرد: لم يمض من الوقت إلا شيء يسير أظنه ١٠ دقائق ، إلا وأنا بوحشة شديدة تجتاحني ما شعرت بها في عمري كله. نفد صبري ، وضاقت نفسي التي بين جنبيّ وأنا أواجهها ، أفكر في عملي وما قدّمت لحياتي.
= فعزمت أن أقرأ ما يتيسر لي من محفوظي وأُهدئ روعي بالقرآن، وأنا مستلقٍ لا أسمع ولا أرى أي شيء، فبدأت مستعيناً باللّه بالفاتحة ثم البقرة، وصلت لمنتصف الجزء الثاني، وإذا بحفظي يتهاوى ويتداخل، وأُنسيت الآيات ..
حيلتي عاجزة ... لا مصحف أعود إليه ولا سبيل لمراجعة محفوظي أبداً !
= اعتراني خوف شديد لا يعلم به إلا اللّه، وما استشعرت حينها شيئاً كلحظة الموت ومآلي إلى القبر ، وتخيلت نسياني لمحفوظي هناك ..
حفرة ضيقة أكثر ، بقائي فيها مضاعف دهراً طويلاً إلى أن يشاء اللّه ...
لا أنيس لي فيها ولا سعة إلا بعملي، ولا عودة لتصحيح ما مضى!
= أخذت أتأمل: إن كان هذا أمري الآن، فكيف بيوم العرض الأكبر أمام رب العالمين؟؟
كيف لي أن أقف في مصافّ الحفاظ، يقرأون ويرتلون ويرتقون في مراتب الجنة
بينما أنا غافلٌ لاهٍ قد وهبني اللّه القرآن ثم فرّطت فيه في حياتي أيما تفريط وأهملت معاهدته وتفلّت؟
يا حسرة تساوي العمر أجمع!
= خرجت من هناك وركبت سيارتي عجلاً أبحث عن المصحف، احتضنته وأنا أدافع العبرات، وأتحسس ملمسه ككنز ثمين فقدته طويلاً.
ويضيف: استشعرت حينها أن مرضي، والتشخيص، والفحوصات، والأشعة، كلها ما كانت إلا لأعيش تلك اللحظة.
أيقنت أنها البداية الحقيقية، وأن عمري محسوبٌ بما بعدها.
وصية أودّ لو تصل ويُسمعها الناس جميعا:
العمر فرصة لا ضمان لبقائها، فـ تزوّدوا من العمل.
عبرة وعظة:
وينصح في نهاية ما قاله بقوله: ثبّتوا محفوظكم من القرآن، أتقنوا القرآن واجمعوه في صدوركم قبل أن ترفع المصاحف أو تخرج الروح، ولا ينفع حينها .
إن هذه القصة رغم قصرها فقد استفاد منها الشيخ وذكرته بمآله وهي وغيرها من الأشياء التي نتعرض لها بشكل عادي لكننا لا نحسن قراءة الأحداث ..
المؤمن الواعي لا بد أن يقرأ ما يمر به نم احداث ومواقف قراءة صحيحة فهي بمثابة ذكير له بالآخرة فلا ينبغي أن تمر عليه وهو عنها غافل .
قصة اليوم وإن كانت حادثة فردية فإنها تنبيه لكل الناس أن يعتبروا بالمواقف والكلمات والآيات التي تتلى عليهم وليشمروا سواعدهم للقاء الله؛
فالموت لا يستأذن أحدًا إنما يأتي بغتة.