مرض السرطان اسم يثير الرعب في القلوب، الكثيرون قلقون من أن يصابوا به، وقد لا يعلمون ما هي أعراض مرض السرطان التي يمكن أن تنبهنا لضرورة اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة سريعا، وكيف يمكن تشخيصه أو علاجه، ورغم أنه لا يوجد مرض سرطان واحد، بل سرطانات متعددة، فإننا في هذا المقال سنتعرف على مرض السرطان عن قرب.
ما هو السرطان؟
يمثل السرطان مجموعة كبيرة من الأمراض وليس مرضاً واحداً، ويختلف نوع السرطان بحسب نوع العضو الذي ظهر فيه، وكذلك نوع النسيج الذي نمى منه.
ويبلغ عدد الأمراض السرطانية المعروفة أكثر من 100، ولكن هناك أنواعا شائعة أكثر من غيرها، فعلى سبيل المثال يمثل سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعاً عند النساء، وكذلك يمثل سرطان البروستاتا
أكثر أنواع السرطان شيوعاً عند الرجال، وكذلك يمثل كل من سرطان الرئة، وسرطان القولون،
أحد أنواع السرطان الشائعة عند كلا الجنسين.
كيف تحدث الإصابة بالسرطان؟تشمل كل خلية من خلايا الجسم على نواة بداخلها، وتحتوي هذه النواة على الحمض النووي المعروف بالـDNA، والذي تتكون منه الجينات التي تحمل الصفات الوراثية للجسم.
إلى جانب الصفات الوراثية، تتحكم الجينات في نظام محكم داخل كل خلية يعمل على التخلص من الخلايا المعطوبة التي حدث فيها خلل في الحمض النووي، بدلاً من أن تنمو وتنقسم ويتولد عنها خلايا جديدة معطوبة، فيسمح هذا النظام بنمو الخلايا السليمة فقط.
أما في حالات السرطان، فإن هذا النظام يتوقف عن العمل، وتنمو الخلايا المعطوبة وتنقسم وتخرج عن السيطرة، وتنقسم هذه الخلايا بشكل أسرع من الخلايا السليمة، ولا تحترم حدود النسيج الذي تنمو فيه مثلما تفعل الخلايا السليمة التي تخضع إلى النظام الجيني المحكم في الخلية، فتتكون بناء على ذلك الأورام وتنتشر في الجسم من خلال انتشار هذه الخلايا السرطانية في تيار الدورة الدموية الذي يغذي جميع أعضاء الجسم.
أعراض مرض السرطان؟تختلف أعراض مرض السرطان بحسب نوع السرطان، وكذلك العضو المصاب، والمرحلة التي بدأت فيها أعراض مرض السرطان في الظهور.
- أعراض مرض السرطان المشتركة بين أغلب أنواع السرطانات
- 1- نقص وزن الجسم بشكل كبير في فترة قصيرة أقل من ستة أشهر، على الرغم من التغذية السليمة.
- 2- التعرق الشديد خلال الليل وأثناء النوم.
- 3- الارتفاع الطفيف والدائم في درجة حرارة الجسم على الرغم من اعتدال درجة حرارة الجو.
- 4- الاحساس بتورم في أحد أجزاء الجسم، أو ظهور كتلة غريبة، أو زيادة في حجم الغدد الليمفاوية الموجودة في بعض أجزاء الجسم مثل الرقبة وتحت الإبط.
ليس من الضروري ظهور كل أعراض مرض السرطان أو بعضها أثناء الإصابة بأحد أنواع السرطان، وخصوصاً في المراحل الأولى من المرض.
وهذه الأعراض السابقة هي أعراض عامة لكل أنواع السرطان، ولكن هناك أعراض وعلامات تختلف بحسب نوع السرطان ومرحلته كما أسلفنا، فعلى سبيل المثال، في سرطان الثدي قد تشعر المريضة بنمو حجم أحد الثديين عن الثدي الآخر، أو الشعور بوجود عقدة بالثدي أو تحت الإبط، وكذلك في سرطان البروستاتا، قد يعاني المريض من مشاكل في التبول مثل احتباس البول، أو عدم القدرة على التحكم فيه بشكل كامل، وكذلك قد يعبر المرض عن نفسه بعد انتشاره إلى مكان آخر غير العضو الذي ظهر فيه، كإحساس المريض على سبيل المثال بآلام في العظام نتيجة انتشار السرطان إلى العظام في منطقة ما.
تنشأ أعراض مرض السرطان بشكل عام نتيجة اختلال الوظيفة التي يقوم بها العضو الذي ظهر فيه الورم السرطاني، وكذلك قد تظهر أعراض مرض السرطان في صورة تورم أو ألم في المنطقة التي ظهر فيها الورم، وكذلك قد تظهر الأعراض نتيجة حدوث نزيف في العضو الذي ظهر فيه المرض، فعلى سبيل المثال، قد يعاني مريض سرطان القولون من مشاكل في عملية التبرز مثل الإمساك المزمن أو حدوث آلام في البطن أو الشعور بوجود ورم في منطقة البطن، أو حدوث أنيميا نتيجة لنزيف مستمر وغير ملاحظ للورم داخل القناة الهضمية، وكذلك ينطبق الحال على كل أنواع السرطان بحسب العضو الذي يظهر فيه.
كيف يتم تشخيص مرض السرطان؟يعتمد تشخيص السرطان في الأساس على اعتبار احتمالية وجوده في الأصل بناء على شكوى المريض والتاريخ المرضي والكشف الطبي، فإذا توفرت درجة من الشك في وجود السرطان بناء على ما سبق، فلا بد أن يخضع المريض لمجموعة من الفحوصات بتسلسل معين، يعتمد على نوع السرطان المشكوك فيه.
- مراحل رحلة تشخيص مرض السرطان
1. - المرحلة الأولى هي مرحلة توقيع الكشف الطبي، وتحليل الأعراض، ومعرفة التاريخ المرضي
وهذه المرحلة - كما سبق ذكره - يقوم فيها الطبيب بتوقيع الكشف الطبي على المنطقة المصابة، وتحليل الأعراض، ومطالعة تحاليل الدم والتاريخ المرضي قبل ظهور الشكوى الحالية، وبناء عليه يقوم بتوجيه المريض للمرحلة الثانية التي يتم فيها عمل الفحص المناسب لكل حالة.
2. - المرحلة الثانية هي مرحلة الفحوصات
وفي هذه المرحلة يقوم المريض بإجراء أشعة على منطقة الجسم المصابة، فعلى سبيل المثال يتم عمل أشعة سونار وماموجرافي،
في حالات الشك في سرطان الثدي، وكذلك أشعة مقطعية على منطقة الحوض – وأحياناً على الجسم بأكمله – في حالات الشك في سرطان البروستاتا أو المثانة البولية أو الرحم .. إلخ، وكذلك في حالات الشك في سرطان الرئة يتم عمل أشعة مقطعية على منطقة الصدر، وأحياناً أشعة ذرية على كل الجسم، أما في حالات سرطان المخ فيتم عمل أشعة بالرنين على منطقة المخ، وإلى غير ذلك من أنواع الأشعات المختلفة.
3. - المرحلةالثالثة هي مرحلة العينة النسيجية (الخزعة)
يحتاج تشخيص مرض السرطان في النهاية إلى أخذ عينة من الورم،
الذي ظهر من خلال الفحص الإكلينيكي أو الأشعات، وذلك من أجل التأكد من أن التشخيص بالفعل ورم سرطاني، وكذلك من أجل معرفة نوع السرطان ودرجة تحور الخلايا المكونة له.
اظهار أخبار متعلقة
ما هي مراحل تطور المرض ودرجات السرطان؟يتم تقسيم مراحل المرض ودرجات تطوره بناءً على أمرين:
- 1- درجة تحور الخلايا المكونة للورم عن الخلايا الطبيعية المكونة لنفس العضو الذي ظهر فيه الورم، وبناء على هذه المعلومة يتم تقسيم الورم السرطاني إلى ورم من الدرجة الأولى إلى الدرجة الرابعة، حيث تكون الدرجة الرابعة هي أكثر درجات الورم شراسة وسرعة في التطور، وهي الدرجة التي تكون فيها الخلايا السرطانية متحورة بشكل كبير عن الخلايا الطبيعية لنفس العضو.
- 2- حجم الورم ككل ودرجة انتشاره إلى الأماكن الأخرى في الجسم، مثل انتقاله إلى الغدد الليمفاوية المحيطة من خلال الأوعية الليمفاوية، أو انتقاله إلى أعضاء أخرى في الجسم من خلال الدورة الدموية. وبناء على هذه المعلومات، يتم تقسيم الورم السرطاني إلى مراحل ابتداء من المرحلة الأولى وحتى المرحلة الرابعة، حيث تكون المرحلة الرابعة هي أكثر مراحل المرض تطوراً، وفيها يكون المرض قد انتشر إلى باقي أجزاء الجسم من خلال الدورة الدموية.
ما هي المضاعفات الناتجة عن مرض السرطان؟
يعتبر مرض السرطان بكافة أنواعه من الأمراض المزمنة، وتختلف سرعة تطور المرض وشدته من نوع إلى آخر؛ كما تختلف أيضاً بناء على درجته ومرحلته كما أسلفنا سابقاً.
أما المضاعفات الناتجة عن مرض السرطان فهي تنقسم إلى:
1- مضاعفات ناتجة عن ضغط الورم على الأعضاء والأوعية الدموية المحيطة به، مثل انسداد القناة الهضمية، أو انسداد الأوعية الدموية أو الليمفاوية، مما قد تنشأ عنه الجلطات والتورمات في أحد الأطراف أو أحد أعضاء الجسم على سبيل المثال، وكذلك قد يحدث ألم نتيجة ضغط الورم على الأعصاب الموجودة في الأعضاء أو الأطراف، وكذلك تؤدي أورام المخ إلى أعراض عصبية بسبب ضغط الورم على المخ في مساحة محدودة.
2- مضاعفات ناتجة عن زيادة النشاط الوظيفي للعضو الذي يظهر فيه المرض
ويحدث هذا في الأغلب بسبب أورام الغدد الصماء، حيث تقوم الخلايا السرطانية بإفراز الهرمونات كما يحدث في الخلايا العادية، ولكن بدرجة أكبر، فيعاني المريض من أعراض ناتجة عن زيادة نسبة هذه الهرمونات.
-3- مضاعفات ناتجة عن العلاج
فعلى سبيل المثال، قد يؤدي العلاج الجراحي إلى فقد عضو من أعضاء الجسم نتيجة بتره بسبب ظهور السرطان فيه، وكذلك يؤدي العلاج الكيماوي والإشعاعي إلى التأثير على وظائف أعضاء الجسم المختلفة نتيجة تأثر الخلايا الطبيعية بالعلاج، وكذلك درجة مناعة الجسم نتيجة تأثر الجهاز المناعي بالعلاج.
ما هو علاج مرض السرطان؟
من المفاهيم المغلوطة المنتشرة أن هناك علاجا واحدا ناجحا لمرض السرطان، وكما ذكرنا سابقاً فالسرطان له أنواع عديدة، وكل نوع يختلف من حيث الدرجة والمرحلة التي يتم تشخيصه فيها، وكذلك لكل مريض حالته الخاصة بناء على حالته الصحية العامة وسنه، وكذلك الأمراض الأخرى المزمنة التي يعاني منها، وكفاءة أجهزة الجسم المختلفة لديه، بناء على الفحوصات التي يجريها قبل تحديد نوع العلاج.
وينقسم علاج السرطان بشكل عام إلى ثلاثة أنواع من العلاجات، يتم الدمج بينها بترتيب معين، أو يتم العلاج بنوع واحد فقط منها، وذلك بناء على كل حالة، وهذه العلاجات الثلاثة هي:
1. العلاج الجراحيويشمل هذا العلاج إزالة الورم وجزء من العضو المصاب، وفي بعض الأحيان إزالة الغدد الليمفاوية في المنطقة المحيطة بالورم، ويلائم هذا النوع من العلاج في أغلب الأحيان المراحل المبكرة من المرض، حيث يكون هدف العلاج هو إزالة الورم كليا من دون ترك أي بقايا منه في المنطقة المحيطة به.
2. العلاج الدوائيويشمل هذا النوع من العلاج جميع أنواع العلاجات التي تسري في مجرى الدم، والتي يتم تناولها إما من خلال الحقن الوريدي، أو الأقراص، وهذا النوع من العلاج قد يتم به العلاج بمفرده، أو بعد الجراحة للوقاية من عودة المرض مرة أخرى، أو قبل الجراحة لتقليل حجم المرض حتى يسهل استئصاله، وينقسم هذا العلاج الدوائي إلى:
- العلاج الكيميائي:
- وهو أشهر أنواع العلاجات، ويشمل مجموعة كبيرة جداً من الأدوية، يتم تعاطيها من خلال الوريد أو من خلال الأقراص، ولا يؤثر على خلايا السرطان فقط، ولكن يؤثر أيضاً على خلايا الجسم الطبيعية الموجودة في كل أجهزة الجسم، وبالتالي تنشأ عنه الأعراض الجانبية المعروفة، وخصوصاً على الجهاز المناعي، ويعمل العلاج الكيميائي من خلال التأثير على نواة الخلية والحمض النووي الموجود فيها، بحيث يؤدي إلى موت الخلية السرطانية أثناء عملية انقسامها.
- العلاج الموجه: وهو نوع من أنواع العلاج الدوائي الذي يتم تعاطيه – في الأغلب – من خلال الأقراص، وتمت تسميته بالعلاج الموجه لأنه يعمل من خلال التأثير على مستقبلات محددة موجودة في الخلية السرطانية، ما يعمل على وقف نموها.
- العلاج المناعي: ويشمل مجموعة من الأدوية يتم تناولها إما عن الطريق الوريد أو الفم، ويعمل هذا العلاج من خلال تنشيط الجهاز المناعي للمريض، ما يجعل خلايا المناعة تهاجم خلايا السرطان نفسها.
3- العلاج الإشعاعي:
هو علاج موضعي موجه للمنطقة المصابة بالسرطان، وفي ذلك يختلف عن العلاج الدوائي في أنه لا يؤثر على باقي أجهزة الجسم في المناطق البعيدة عن منطقة الورم، ويتم إعطاء هذا النوع من العلاج من خلال أجهزة تشبه إلى حد كبير جهاز الأشعة المقطعية، حيث يستلقي المريض على طاولة الجهاز، ويتم توجيه الحقل الإشعاعي بشكل دقيق إلى المنطقة المصابة بالورم، ويستعمل هذا النوع من العلاج أشعة x التي تستخدم بشكل طبيعي في تصوير الجسم، ولكن بطاقة عالية جداً تصل إلى ملايين الفولتات، مما يؤدي إلى تدمير الحمض النووي الموجود داخل الخلية السرطانية، ويؤدي هذا النوع من العلاج إلى أعراض جانبية موضعية في منطقة الحقل الإشعاعي فقط.
د. محمد حسن
استشاري الأورام - جامعة القاهرة
*بتصرف يسير
اظهار أخبار متعلقة