مرحبًا بك يا ابنتي..
تعاطفت معك كثيرًا، فأنت صغيرة السن، غضة المشاعر، قليلة المعرفة بالحياة، الرجال، العلاقات، إلخ.
ليس هذا ذمًا لك يا صديقتي، إنما هو توصيف للواقع، فلا ينقص منك غضاضة مشاعرك، بل على العكس، هذه "أثمن" ما لديك، لذا تعاطفت، وأشفقت أن تنفقيها هكذا عبر "علاقة"، لا هي خطوبة، ولا زواج، علاقة بدون اسم، وهذا أخطر ما يمكن.
فالعلاقة التي تكون بلا التزامات يا صديقتي، وفي الظلام، لابد أن "تموت"، ولأننا نكون صادقين لفرط غضاضة المشاعر والرغبة في عيش أجواء الحب، نموت معها، أو هكذا نشعر، لو ماتت واختفت.
لذا، العلاقة الصحية، وهي المطلوبة، تكون في "النور"، و"متناسبة"، و"متكافئة"، و" تشعرك بالأمان"، و" يكون لها اسم"، و" يترتب عليها إلتزامات".
هذا كله لم يكن متوافرًا في تلك العلاقة، ففيم الحزن والاكتئاب يا صديقتي؟!
أنت "تستحقين" علاقة صحية، تشعرين خلالها بالاحترام لذاتك، فأين هذا الاحترام في اختفاء الرجل؟!
دعيني أقولها لك صريحة ، واضحة: من يختفي هكذا لا يحترم العلاقة ولا الشريك الذي كان معه في العلاقة ولا يحترم العلاقة ولا يأبه بها، ولا لها، وربما يكون شخصًا مستهترًا، فأي خير في الحزن على رجل بهذا العيب الخطير؟!
عشرون عامًا هو الفارق بينكما يا ابنتي وهو فارق يعطيه مقام "الوالد" لا "الحبيب"، فهلا جلست إلى نفسك وكاشفتها مما حرمت منه في علاقتك بوالدك وتريدين اشباعه عبر هذه العلاقة المغلفة زيفًا بأنها "حب"؟!
ربما تكون وهو ما أرجحه أن تكون هذه هي الحقيقة يا ابنتي، واهتمامك بنفسك يستلزم البحث في هذا والتعافي منه على يد متخصص، فعدم اشباع الاحتياجات النفسية الأساسية عبر الوالدين يجعلنا بكل هذا النهم لإرواء العطش من أي مصدر ولو كان متلاعبًا، مخادعًا، غير مناسب.
أعلم أن نفسك ستنكر هذا، وأنها ستستثقل هذا الحديث، وربما ترفضه الآن، لكنني أعلم أيضًا أن هذا كله سيتغير لو قررت عدم الانبطاح أمام "مشاعر"، و"احتياجاتك غير المشبعة"، وقررت قيادة مشاعرك، وألا تقودك هي، وأن تشبعي احتياجات عبر مصادر آمنة، صحية.
ابنتي.. هذا الرجل قرر ونفذ، قرر أن يبتعد، ويختفي، ونفذ هذا وبكل وضوح، بقصد أو بدون قصد، المهم الآن هو "أنت"، لا "هو"، انتبهي لنفسك، وفكري بها، واعتن بها، وارفقي بها، وأكرميها بالبعد أيضًا، والتعافي من هذه العلاقة المشوهة، المؤذية، المعطلة لنفسك، والمعوقة لحياتك، فأنت "تستحقين الحياة باحترام"، "تستحقين علاقة صحية"، لها المواصفات التي ذكرت أعلاه، فتأهلي لهذا، ودمت بكل خير ووعي وسكينة.
اقرأ أيضا:
أهلي يرفضون حبيبي.. ما المشكلة لو تزوجته رغمًا عنهم؟اقرأ أيضا:
كثير النزوات العاطفية ولا أحب زوجتي وباق معها من أجل الأولاد.. ما الحل؟