اختص الله عز وجل نبيه الكريم وخاتم المرسلين الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بالعديد من الخصائص والفضائل على سائر الأنبياء والمرسلين والخلق ، و مما ينبغي على كل مسلم معرفة هذه الخصائص لأنها تزيدنا لمًا بمكانة ومنزلة النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم وتجعلنا نحبه ويزداد إيماننا به فنزداد له تبجيلاً ونزداد له شوقا .
ومما اختص الله عز وجل به نبيه ورسوله الأكرم صلى الله عليه وعلى اله وسلم منها :
ما اختص بها في ذاته في الدنيا . ومنها ما اختص بها في ذاته في الآخرة .
ومنها ما اختصت به أمته في الدنيا ومنها ما اختصت به أمته في الآخرة .
قال تعالى: ( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلّمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً ) << النساء : 113 >> وقال تعالى: ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ) << البقرة : 253 >> .
التفضيل الأول صريح في المفاضلة ، والثاني في تضعيف المفاضلة بدرجات وقد فضل الله تعالى نبينا صلى الله عليه وسلم من وجوه، بحسب الباحث ماجد المبارك.
ومن هذه الخصائص :
1- أن الله عز وجل أخذ الميثاق على جميع الأنبياء والمرسلين من آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام أنه إذا ظهر النبي محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم في عهده وبعث أن يؤمن به ويتبعه ولا تمنعه نبوته أن يتابع نبينا محمد صلى الله عليه وعلى اله وسلم . وكل نبي أخذ العهد والميثاق على أمته أنه لو بعث محمد بن عبدالله صلى الله عليه وعلى اله وسلم أن يتابعوه ولا يتابعوا نبيهم . والدليل قال الله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جآءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ء أقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) << آل عمران : 81 >>.
2- أنه ساد الكل ، قال صلى الله عليه وسلم:(( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )) << رواه ابن حبان >> والسيّدُ من اتصف بالصفات العليّة ، والأخلاق السنيّة . وهذا مشعرّ بأنه أفضل منهم في الدارين ، أمّا في الدنيا فلما اتصف به من الأخلاق العظيمة . وأمّا في الآخرة فلأن الجزاء مرتبُ على الأخلاق والأوصاف ، فإذا كان أفضلهم في الدنيا في المناقب والصفات ، كان أفضلهم في الآخرة في المراتب والدرجات . وإنما قال صلى الله عليه وسلم :(( أنا سيد ولد آدم ولا فخر )) ليخبر أمتُه عن منزلته من ربه عزّ وجل ، ولّما كان ذكر مناقب النفس إنما تذكر افتخاراً في الغالب ، أراد صلى الله عليه وسلم أن يقطع وهم من توهم من الجهلة أن يذكر ذلك افتخاراً قال : (( ولا فخر )).
3- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( وبيدي لواء الحمد يوم القيامة ولا فخر )) .
4- أن الله تعالى أخبره بأنه غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال الله تعالى (إنا فتحنا لك فتحا مبينا (1) ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) الايه << الفتح : 1،2 >> . ولم ينقل أنه أخبر أحداً من الأنبياء بمثل ذلك ، بل الظاهر أنه لم يخبرهم ، لأن كل واحد منهم إذا طُلبَتْ منهم الشفاعة في الموقف ذكر خطيئته التي أصابها وقال : (( نفسي نفسي )) ولو علم كل واحد منهم بغفران خطيئته لم يُوْجل منها في ذلك المقام ، وإذا استشفعت الخلائق بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام قال: (( أنا لها )) .
5- إيثاره صلى الله عليه وسلم أمته على نفسه ، إذ جعل لكل نبي دعوة مستجابة ، فكل منهم تعجل دعوته في الدنيا ، واختبأ هو صلى الله عليه وسلم دعوته شفاعة لأمته.
6- أن الله تعالى أقسم بحياته صلى الله عليه وسلم فقال (( لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون )) << الحجر : 72 >> . والإقسام بحياة المقسم بحياته يدل على شرف حياته وعزتها عند المقُسم بها ن وأن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها من البركة العامة والخاصة ، ولم يثبت هذا لغيره صلى الله عليه وسلم .
7- أن الله تعالى وقره ففي ندائه ، فناداه بأحب أسمائه واسني أوصافه فقال: (( يا أيها النبي )) << الأنفال : 64 ، 65 ، 70 ومواضع أخرى >> ، (( يا أيها الرسول )) << المائدة : 41 ، 67 >> وهذه الخصيصة لم تثبت لغيره ، بل ثبت أن كلاً منهم نودي باسمه ، فقال تعالي: (( يا آدم اسكن )) << البقرة : 35 >> ، (( يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك )) << المائدة : 110 >> ، (( يا موسى إني أنا الله )) << القصص : 30 >> ، ((يا نوح اهبط بسلام )) << هود : 48 >> ، (( يا داود إنا جعلناك خليفة ً في الأرض )) << ص : 29 >> (( يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )) << الصافات : 105 >> ، (( يا لوط أنا رُ سُلُ ربك )) << هود : 81 >> ، (( يا زكريا إنا نبشرك )) << مريم : 7 >> ، (( يا يحيى خذ الكتاب )) << مريم : 12 >> ولا يخفى على أحد أن السيد إذا دَعى أحد عبيده بأفضل ما وجد يهم من الأوصاف العليّة والأخلاق السنيّة ، ودعا الآخرين بأسمائهم الأعلام لا يُشعر بوصف من الأوصاف ، ولا بخلق من الأخلاق ، أن منزلة من دعاه بأفضل الأسماء والأوصاف أعز عليه وأقرب إليه ممن دعاه باسمه العلم. وهذا معلومٌ بالعرف أن من دُعي بأفضل أوصافه وأخلاقه كل ذلك مبالغة في تعظيمه واحترامه .
8- أن معجزة كل نبي تصرمت وانقرضت ، ومعجزة سيد الأولين والآخرين وهي القرآن العظيم باقية إلى يوم الدين.
9- تسليم الحجر عليه وحنين الجذع إليه ولم يثبت لواحد من الأنبياء مثل ذلك .
10- أنه وجد في معجزاته ما هو أظهر ففي الإعجاز من معجزات غيره ، كتفجير الماء من بين أصابعه فإنه أبلغ في خرق العادة من تفجيره من الحجر ، لأن جنس الأحجار مما يتفجر منه الماء ، وكانت معجزته بانفجار الماء من بين أصابعه أبلغ من انفجار الحجر لموسى عليه السلام.
11 - أن الله تعالى يكتب لكل نبي من الأنبياء من الأجر بقدر أعمال أمته وأحوالها وأقوالها ، وأمتُه شطر أهل الجنة ، وقد أخبر الله تعالى أن أمته خير أمة أخرجت للناس وإنما كانوا خير الأمم لما اتصفوا به من المعارف.
12- أن الله أرسل كل نبي إلى قومه خاصة وأرسل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إلى الجن والإنس ولكل نبي من الأنبياء ثواب تبليغه إلى أمته ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ثواب التبليغ إلى كل من أرسل إليه ، تارة لمباشرة الإبلاغ ، وتارة بالنسبة إليه ولذلك تمنن عليه بقوله تعالى: (( ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيراً )) << الفرقان : 51 >> ، ووجه التمنن : أنه لو بعث في كل قرية نذيراً لما حصل لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أجر إنذاره لأهل قريته .
13- أن الله تعالى كلم موسى عليه السلام بالطور، وبالوادي المقدس ، وكلم نبينا صلى الله عليه وسلم عند سدرة المنتهى .
14- أنه قال : (( نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة ، المقضي لهم قبل الخلائق ، ونحن أول من يدخل الجنة )) << أخرجه مسلم >> .
15- أنه صلى الله عليه وسلم أخبر أنه يرغب إليه الخلق كلهم يوم القيامة ، حتى إبراهيم .
16- ومنها أنه قال : (( الوسيلة منزلة في الجنة لا ينبغي أن تكون إلا لعبد من عباد الله تعالى ، وارجوا أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة )) << أخرجه مسلم >> .
17- أنه يدخل من أمته إلى الجنة سبعون ألفا بغير حساب )) ولم يثبت ذلك لغيره صلى الله عليه وسلم .
18- حوض الكوثر الذي أعطيه صلى اله عليه وسلم في الجنة ، والحوض الذي أعطيه في الموقف .
19- ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : (( نحن الآخرون السابقون)) الآخرون زماناً ، السابقون بالمناقب والفضائل.
20- أنه أحلت له صلى الله عليه وسلم الغنائم ولم تحل لأحد قبله. وجعلت صفوف أمته كصفوف الملائكة ، وجعلت له الأرض مسجداً ، وترابها طهوراً . وهذه الخصائص تدل على علو مرتبته ، والرفق بأمته.
21- أن الله تعالى أثنى على خلقه فقال : (( وإنك لعلى خلق عظيم )) << القلم : 4 >> ، واستعظام العظماء للشيء يدل على إيغاله في العظمة ، فما الظن باستعظام أعظم العظماء ؟ .
22- ومنها أن الله تعالى كلمه بأنواع الوحي وهي ثلاثة أحدها: الرؤيا الصادقة. والثاني : الكلام من غير واسطة . والثالث : مع جبريل صلى الله عليه وسلم . وزاد الألباني النفث في الروع .
23- أن الكتاب الذي عليه صلى الله عليه وسلم وهو القرآن الكريم مشتمل على ما اشتمل عليه التوراة والإنجيل والزبور ، وفضل بالمفصل.
24- ومنها أن أمته أقل عملاً ممن قبلهم ، وأكثر أجراً كما جاء في الحديث الصحيح
25- أن الله عز وجل عرض عليه مفاتيح كنوز الأرض وخيرة أن يكون ملكاً أو عبداً نبيًا، فاستشار جبريل عليه السلام . فأشار إليه أن تواضع .
26- ومنها أن الله تعالى أرسله ( رحمة ً للعالمين ) ، فأمهل عصاه أمته ولم يعاجلهم إبقاء عليهم ، بخلاف من تقدمه من الأنبياء إنهم لما كذبوا عُوجل مكذبهم.
,وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم في حلمه وعفوه وصفحه وصبره وشكره ولينه في الله ، وانه لم يغضب لنفسه ، وأنه جاء بإتمام مكارم الأخلاق ، وما نقل من خشوعه وخضوعه وتبتله وتواضعه ففي مأكله ، وملبسة ، ومشربه ، ومسكنه ن وجميل عشرته ، وكريم خليقته ، وحسن سجيته ، ونصحه لأمته وحرصه على إيمان عشيرته ، وقيامه بأعباء رسالته في نصرة دين الله ، وإعلاء كلمته ، وما لقيه من أذى قومه وغيرهم في وطنه وغربته بعض هذه المناقب موجودة في كتاب الله وكتب شمائله . ومنها كتاب الشمائل للترمذي .
27- أما لينه ففي قوله تعالى: (( فبما رحمة من الله لنت لهم )) << آل عمران : 159 >> .
28- وأما شدته على الكافرين ، ورحمته على المؤمنين ففي قوله تعالى (( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )) << الفتح : 29 >> .
29- وأما حرصه على إيمان أمته ، ورأفته بالمؤمنين ، وشفقته على الكافة ففي قوله تعالى : (( لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عندتم حريص عليكم )) << التوبة : 128 >> أني يُشق عليه ما يشق عليكم ، ( حريص عليكم ) ، أي إيمانكم 0 بالمؤمنين رؤوف رحيم )) .
30- وأما نصحه في أداء رسالته ففي قوله تعالى (( فتول عنهم فما أنت بملوم )) << الذاريات : 54 >> أي فما أنت بملوم لأنك بلغتهم فأبرأت ذمتك.
31- ومنها أن الله تعالى أمته منزل العدول من الحكام ، فإن الله تعالى إذا حكم بين العباد فجحدت الأمم بتبليغ الرسالة أحضر أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون على الناس بأن رسلهم أبلغتهم وهذه الخصيصة لم تثبت لأحد من الأنبياء.
32- ومثلها عصمة أمته بأنها لا تجتمع على ضلالة في فرع ولا في أصل .
33- ومثلها حفظ كتابه ، قل لو اجتمع والآخرون على أن يزيدوا فيه كلمة ، أو ينقصوا منه لعجزوا عن ذلك ، ولا يخفى ما وقع من التبديل في التوراة والإنجيل .
34- ومنها أنه بعث بجوامع الكلم ، واختصر له الحديث اختصاراً وفاق العرب في فصاحته وبلاغته.
كما قال عليه الصلاة والسلام ( أعطيت فواتح الكلم ، وجوامعه وخواتمه ) << في الصحيحين >> .
اقرأ أيضا:
يتعامل النبي مع المخطئين بطريقة رائعة.. تعرف على جانب مضيء من دعوته بالرفق واللبيناقرأ أيضا:
أول جمعة بالمدينة.. ماذا قال فيها النبي؟